المال والصحة وراحة البال

19/05/2011 17
عبدالله الجعيثن

في ساحة حاشدة بالسواح والناس والحياة، يتواجد - بالاضافة لعشرات المقاهي - عدد من عازفي الموسيقى، والمهرجين والحواة لفت انتباه البعض وجود حاوٍ فاشل خائب، معه ثلاث كرات يلعب بها في الهواء فتسقط منها واحدة باستمرار بينما الحواة من حوله فيهم من يلعب بعشر كور فلا تسقط منها واحدة أمام زغللة أعين المتفرجين.. غير أن ذلك الحاوي الخائب كان فيلسوفاً متنكراً في زي حاوٍ فاشل..

فقد ناقشه عدد من السواح في سر بقائه في الساحة مع أنه معدوم المهارة، فكان يقول لكل من جابهه بذلك القول:

- انظر أولاً ما هو مكتوب على كل كرة!

وحين ينظر السواح لكراته الثلاث يجدون مكتوباً على الكرة الأولى:

الصحة..

وعلى الثانية:

راحة البال..

وعلى الثالثة:

المال..

فمن كان واسع الصدر وصبر على بلادة الحاوي الفاشل للنهاية أدرك السر الذي لا يبوح به ذلك الحاوي لغير المتأملين، كان يقول:

انه من شبه المستحيل أن يظفر الإنسان بالصحة والمال وراحة البال في وقت واحد، فالسعي نحو المال والانشغال به يولد الهم المشتق من الهمة، والهم يطرد راحة البال..

وحين تذهب راحة البال في خبر كان فإن الصحة تلحق بها رويداً رويداً إذ تُقبل مع جيوش المطامع والهموم أمراض معروفة مقرونة بالتوتر والسخط وانعدام الرضا..

وفي مقدمة تلك الأمراض ارتفاع الضغط، والسكّر، والقلق المرضي والاكتئاب والقولون العصبي..

قدر الإنسان ألا يجمع تلك المحبوبات في وقت واحد إلا للنادرين الموفقين الراضين، من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط ومعه المرض وانعدام راحة البال.