لا يوجد مصدر من مصادر الطاقة يلاقي نكران الجميل وبالتالي يعاني من التحيّز ضده كما يلاقيه ويعانيه البترول (البعض يسميه: هديّة أرض الجزيرة العربية الى العالم). فرغم الضرائب الفاحشة التي تفرضها عليه حكومات الدول المستهلكة.
ورغم الاتهامات الموجّهة اليه - اعتباطا - بأنه مصدر ارتفاع درجة حرارة الأرض. ورغم ان البعض اعتاد ان يسميه: Devil`s excrement أي غائط الشيطان (أكرمكم الله). ورغم كل الجهود المبذولة لمحاولة الاستغناء عن البترول و استبداله بمصادر الطاقة البديلة. ورغم الاتهامات الموجّهة الى من حباهم الله البترول بأنهم غير راشدين (لا يحسنون التصرف في ايراداته) وبأنهم حصلوا عليه -من غير جهد- بخطأ من امن الطبيعة.
رغم كل هذه التحيزات والاتهامات (وهي قليل - القليل - من الكثير) الموجّهة للبترول لا يزال البترول هو المصدر النبيل سيّد سادات مصادر الطاقة جميعها بلا منازع.
البترول هو هبة الله للإنسان فهو بمثابة اكتشاف العجلة التي أدّت الى التقدم الاقتصادي في العصر الحديث ولكن بدلا من اعتراف الإنسان بمكانة وفضل هذه الهدية السماوية تنكّر لها وبدلا من توجيه الشكر لله على نعمة البترول راح بعض الناس يطلق النعوت السيئة التي - في حقيقتها - تعكس اساءة صرف الإنسان لإيرادات البترول على انها لعنة تصيب (أو تؤدي الى تخلف) اقتصاديات الدول التي يوجد في أراضيها فسموها: Oil curse (أي لعنة البترول) من أجل ان يبرّر الإنسان لنفسه سوء تصرفاته واستبدال البترول (بعد ان أشرف على استنزافه كوقود بدلا من الاستفادة منه في استعمالاته الأكثر جدوى) بمصادر يسميها الإنسان الآن المصادر النظيفة (اي لاتضر بالبيئة) بينما في الواقع لازال الإنسان يجهل شرور هذه البدايل في المستقبل.
العالم الغربي كان يعوّل على الطاقة النووية بأنها هي البديل الوحيد الذي يمكنه ان يقضي القضاء المبرم على البترول كوقود للسيارات فظهرت نظرية مايسمى: Backstop Technology (اي تكنولوجيا مكانك راوح) وهي نظرية روّج لها البعض في بداية السبعينات (عقب المقاطعة وما تلاها من سيطرة الشركات الوطنية في الدول المنتجة على بترولها بدلا من الأخوات السبعة).
تتوقّع نظرية تكنولوجيا الباك ستوب انه خلال السنوات: 2120 – 2170 سيتمكّن العالم من الوصول تدريجيا الى تطوير مصدر وقود للسيارات بسعر ثابت يكفي لمدة 100 (مائة) مليون سنة عن طريق توليد الكهرباء بأستخدام مايسمى: Controlled nuclear fusion (هذه التكنولوجيا لا زالت قيد المعامل و لا يتوقع ان يستطيع العلماء احتواء التفاعل في حيّز محصور خلال هذا القرن).
الجميل في عملية الاندماج النووي Nuclear fusion)) انها آمنة و نظيفة و يمكن ان تمد الإنسان بالوقود على مدى عمر الأرض بعكس عملية الانشطار النووي (Nuclear fission) المستخدمة الآن في توليد الطاقة التي تعرّض حياة الأنسان للخطر وتعتمد على اليورانيوم المعرّض للنضوب. هذه المزايا التي تتميّز بها عملية الاندماج النووي على عملية الانشطار النووي جعلتها هي الأمل الذي يعوّل عليه العالم لتوفير الطاقة الدائمة والرخيصة والنظيفة في المستقبل.
الشيء الذي نريد ان نصل اليه هو انه لا خوف على البترول من الطاقة المولدة من الاندماج Fusion النووي لأنها تحتاج لتطويعها كمصدر بديل لطاقة البترول مدة زمنية طويلة قد تتجاوز عمر البترول الرخيص (لا سيما اذا لم يرشّد انتاجه) لكن الشيء المهم هو ان البعبع الذي كانت الدول المستهلكة تستخدمه لتخويف الدول المنتجة بأنها ستستخدمه كبديل للبترول اذا ارتفعت اسعار البترول بحيث لا تجد الدول المنتجة من يشتري منها بترولها لم يعد له نفس القوة في التأثير بعد حادثة اليابان التي كشفت مدى المخاطر التي ستتكبدها الدول اذا ارادت ان تتحوّل من البترول الى الطاقة النووية.
رغم ان كارثة اليابان تجعلنا نتعاطف مع الشعب الياباني ونلتمس له العذر في اندفاعه للتخلص من البترول واستبداله بالنووية ولكن يبدو ان البترول لم يغفر لليابان نكران الجميل لأن اليابان كانت اكثر من استفاد من البترول الرخيص ولكنها الآن قلبت عليه ظهر المجن وأصبحت اسرع الدول التي تريد ان تتخلص من البترول وتستبدله بالنووية.
اذن لاغرابة ان يثور البترول لكرامته بالانتقام من الذين يتنكرون لفضله فيسلط عليهم لعنة البدايل وبالتالي يسترد مكانته سيّد سادات مصادر الطاقة.
موضوع عمود الأسبوع القادم - ان شاء الله - سيكون عن تأثير حادثة اليابان على الطلب العالمي على البترول.
اللهم لك الحمد..بأن وهب لنا وطن فيه هذا الخير....شكرا يادكتورنا الغالي على هذا المقال
كيفَ تستطيعُ نظريتكَ (إنتقام البترول أم لعتة النووية) يا د. أنور الوضعَ في فرنسا حيث أن حوالي 77% من الكهرباء المنتجةِ فيها (أكثر من اليابان) تأتي من المحطاتِ النووية ومنذ عقودٍ طويلة .. ومع ذلك لم يصيبُها الإنتقامُ أو اللعنةُ وفق نظريتكَ ؟؟؟!!!.. الموضوعُ ببساطة يا دكتورنا أن اليابانَ تقعُ على أحد أخطر خطوط الزلزال العالمية .. وسواءً كانتْ محطاتُها تعملُ بالفحمِ أو البترول أو النووي، فسيصيبُها الزلزال والتسونامي بمشيئة الله.... ولعلمكَ يا دكتور أن نسبة الأصابات لكل 100 ألف من السكان في الحوادث النووية هي أقل من مخاطر الحوادث الأخرى المماثلة (مثلاً حوادث القطارات والوفيات الناتجة عن التدخين)!!!... فالرحمةُ بعقولنا يا دكتور.. وإحتراماً لمكانةِ الدرجة العلمية التي تحملُها أيضاً !!!!
كيفَ تستطيعُ نظريتكَ (إنتقام البترول أم لعتة النووية) يا د. أنور تفسيرَ الوضع في فرنسا.. (إضافة كلمة: تفسير..)
صباح الخير .. نور الله قلبك يادكتور انور .. تعتبرحالة اليابان مع الزلزال الاخيرحالة خاصه مفاجئه للعلم والعلماء حيرت اليابانيين ووضعتهم على مفترق طريق وهذه القطعه الثمينه من ادبيات النفط فريده في تحديها ومواجهتها لمزاعم الطاقه البديله في حالات خاصه. أضيف هنا يا سعادة الدكتور أن الجزيره العربيه والتي تعوم فوق بحر من النفط مؤهله أكثر من اليابان ان تتحول كليا الى الطاقه النوويه ولديها مناطق صحراويه شاسعه خاليه من السكان وهي جافه منفصله ومعزوله بشكل طبيعي عن التأثير على العالم ..وربما يكون الربع الخالي يوما ما خلية الطاقه النوويه لدينا .. بعملية حسابيه غير معقده فإن تصدير النفط الى العالم مجزي وافضل من استهلاكه محليا وجزء من عائداته يمكن ان يستثمر في انشاء محطات الطاقه النوويه .
مقال جميل
الامر بسيط جداااااا..... للمقارنه ايهم اخطر تسرب بئر بترول او احتراقه ام تسرب نووي سواء كان بطريقه طبيعيه (زلزال - بركان - خطأ بشري او تقني ) او نتيجة عمل ارهابي ؟؟؟؟
شكرا لك مخاوي الذيب. وشكرا للكاتب أخشى أن نقع في نفس خطأ الذين نبذوا النفط فننبذ الطاقة النووية. الطاقة النووية نعمة من البارئ جل وعلا كما أن النفط نعمة. يجب أن نستغل كل مصادر الطاقة ولا نضع أيا منها في القائمة السوداء. "مصائب قوم عند قوم فوائد" المصيبة النووية (ولا أقول الكارثة) التي أصابت اليابان ستجعل اليابانيين يطورون وسائل سلامة أعلى. حصل هذا في حين توجه الدول النامية - المملكة العربية السعودية - الإمارات - ايران - مصر- لاستخدام الطاقة النووية. وهذه فرصة لنا كي نضع أنظمة سلامة أكبر من التي كانت موجودة.