المظاهرات أم المقابلات المباشرة؟

23/02/2011 13
محمد العمران

في الآونة الأخيرة، تعرضت العديد من دول منطقة الشرق الأوسط لموجة من المظاهرات السياسية، حيث ظهرت هذه المظاهرات بداية في تونس ثم امتدت إلى مصر ثم امتدت لاحقاً إلى كل من إيران والبحرين واليمن وليبيا والجزائر والكويت (وغيرها من الدول كما يعلم الجميع)، إلا أن اللافت هنا أن اقتصاديات دول الشرق الأوسط وأسواقها المالية عموماً تأثرت سلباً بسبب ارتفاع المخاطر الجيوسياسية وعدم وضوح الرؤية, وهو ما ساهم في خلق بيئة لا تشجع على الاستثمار وبالتالي هروب بعض الأموال الساخنة وهو أمر طبيعي نتيجة لارتباط السياسة بالاقتصاد.

من وجهة نظري الشخصية، يجب أن نضع في الاعتبار وجود اختلافات تكاد تكون جوهرية في طبيعة المظاهرات التي شهدتها هذه الدول، حيث إن المظاهرات في تونس ومصر وإيران واليمن وليبيا والجزائر أخذت صبغة "اقتصادية" بالدرجة الأولى نتيجة لارتفاع البطالة وتكاليف المعيشة ومستوى الفساد (وعوامل اقتصادية أخرى)، حيث لم تفرق هذه المظاهرات بين الأديان والطوائف والأحزاب والأجناس والألوان التي ينتمي إليها المتظاهرون من مواطني هذه الدول، في حين نجد أن المظاهرات التي شهدتها البحرين أخذت صبغة "طائفية" من طائفة محددة وفي الكويت أخذت صبغة "انتمائية" من فئة محددة من الناس.

بالنسبة لنا وعلى الرغم من حساسية هذه المرحلة، إلا أن الإيجابي هو وجود التفافة جميلة بين المواطنين وولاة الأمر وهو ما لمسته شخصياً خلال الأسابيع القليلة الماضية بين عدد كبير من مواطني المملكة على اختلاف انتماءاتهم المناطقية والقبلية والطائفية وهو ما يعني نجاحنا في اختبار حقيقي للمواطنة، وأعتقد أن الظروف التي مرت بها بعض دول المنطقة جعلت الجميع يدرك وبشكل جدي أهمية الاستقرار السياسي والاقتصادي في المملكة إن كان على المنظور القصير أو الطويل. أما بالنسبة للسوق المالية، فقد تأثرت كغيرها من الأسواق بهذه الظروف الاستثنائية لكنها تظل أفضل من غيرها من حيث التقييم والنمو والمحفزات وهو ما سيجعلها هدفاً بمجرد عودة الهدوء إلى المنطقة.

في المقابل، يجب أن نعترف بأن هناك تحديات اقتصادية مهمة تنتظرنا في المستقبل القريب تتمثل في ملفات البطالة وتكاليف المعيشة والفقر وأزمة الإسكان والفساد وهي في حقيقة الأمر نفس التحديات الاقتصادية التي تواجه جميع دول العالم تقريباً (المتقدم منها والناشئ وإن كان بنسب متفاوتة)، وبالتالي أستطيع القول إن المرحلة المقبلة تستلزم منا جميعاً أن نحافظ على وحدتنا الوطنية وأن نضع هذه التحديات كأولوية قصوى لا تقبل الجدل. هنا يجب أن لا ننسى كمواطنين أن النظام يلزم جميع مسؤولي الدولة (من وزراء ووكلاء ومديرين وغيرهم) بفتح مكاتبهم لمقابلتنا مباشرة في أي قضية كانت، وإن لم يسمعوا لنا فولاة الأمر يفتحون لنا مكاتبهم وبيوتهم ليقابلونا ويسمعوا منا مباشرة وهذا هو المهم.