أخيراً توقفت أسواق الأوراق العالمية هذا الأسبوع نتيجة حالة التوتر في شمال إفريقيا، لكن، كان لهذا فيما يبدو تأثيراً مختلطاً على السلع نظراً لانخفاض أسعار الطاقة، نتيجة جني الأرباح عقب الارتفاعات الضخمة في شهر فبراير وعمليات تخزين الحبوب والسلع الاستهلاكية غير المعمرة. ومن ثم يمكن القول أنه قد تم فك الارتباطات الإيجابية التي استمرت طيلة الأشهر الأربعة الماضية مع أسواق الأوراق المالية، لصالح السلع، مع تفوق العديد من القطاعات في الأداء على الأوراق المالية.
الحبوب:
لقد كان التركيز الأساسي هذا الأسبوع على الارتفاع في تقرير الموازين العالمية للحبوب الوارد في تقديرات العرض والطلب الزراعي العالمي: حيث ارتفعت أسعار الذرة نتيجة انخفاض الإنتاج العالمي وزيادة الاستهلاك في تصنيع الإيثانول: وكما هو متوقع، قامت وزارة الزراعة الأمريكية بخفض ميزان الذرة الأمريكية في ظل الانخفاض الحالي في نسبة المخزون إلى الاستهلاك إلى 5%، وهو قاع لم يحدث منذ 15 عاماً، وهو مساوٍ للمستويات الدنيا التي سجلت في 1995/1996. ولقد جادلنا طويلاً في أنه سيتم ترشيد احتياجات الطلب في هذه البيئة ذات الإمداد المحدود، ونواصل الاعتقاد في ضرورة تداول الذرة بسعر 8 دولار/ بوشل على الأقل.
أما ميزان القمح، فلم يطرأ عليه تغيير هذا الشهر، في حين كان للطقس تأثير سيء على إنتاج القمح نتيجة تعرض الصين للجفاف حالياً وعمليات التخزين في أفريقيا الشمالية مما أدى إلى بقاء الطلب على القمح الأوروبي دون تغيير.
أما تقرير فول الصويا فقد شهد ارتفاعاً طفيفاً كذلك، مع انخفاض التنفيذ العالمي، في حين ظلت المخزونات دون تغير نظراً لأن انخفاض إنتاج أمريكا الجنوبية قد واصل دعم فول الصويا.
وبوجه عام، يظل وضع المخزون العالمي للذرة وفول الصويا داعماً بشدة للأسعار، غير أنه متعادل التأثير على القمح. ويوضح الرسم البياني التالي موازين الذرة خلال العشرين عاماً السابقة.
لقد كان الغاز الطبيعي هو الخاسر الأكبر هذا الأسبوع: على الرغم من استمرار موجة الصقيع العالمية، إلا أن الارتفاع الكبير السابق في الغاز الطبيعي من 3.9 إلى 4.9 نتيجة ضعف التغطية المتوقع، قد توقف بصورة درامية، مع انخفاض أسعار الغاز بنسبة 8.1% إضافية في عمليات البيع القصير التنشيطية وتحوط المنتجين. ومما زاد هذا الانخفاض دفء الطقس في أوروبا خلال الأسبوع الماضي. ويظل إمداد الغاز الطبيعي وفيراً، إذ تشير توقعات الأرصاد الجوية الأمريكية إلى قرب حلول فصل الربيع. وليس للتوترات الدائرة في منطقة شمال إفريقيا أي تأثير على الغاز الطبيعي.
القطن كان الرابح الأكبر:
ليس من قبيل المفاجأة عقب تعليقاتنا في التحديث الأسبوع السابق، أن ترتفع عقود القطن الآجلة إلى قمم قياسية مع ارتفاع الحدود اليومية، وهو ما يرجع ببساطة إلى زيادة المبيعات الأمريكية التي يدعمها النمو في الطلب. لقد قفزت الأنسجة بنسبة 9.1 % هذا الأسبوع، ونظراً لأن بديلها هو البوليستر، الذي يُصنع من النفط، فإن الارتفاع الحالي في أسعار النفط لم يعطِ مبرراً للتحول إلى البوليستر. ولم يشهد الطلب على القطن انخفاضاً رغم الارتفاع البالغ 100% خلال الربع الماضي، كما كان تقرير وزارة الزراعة الأمريكية داعماً للقطن. وكذلك فإن ارتفاع متطلبات الهامش على القطن لم تكبح جماح السوق.
هل تمثل المعادن الثمينة فرصة ذهبية؟
فيضان عمليات تسييل صندوق المؤشرات المتداولة (ETF) الذي كان السمة المميزة لسوق الذهب خلال شهر يناير، لم يواصل تدفقه خلال شهر فبراير. ورغم أنه لا يزال في مرحلة الانخفاض، إلا أن التدفقات النقدية الخارجة لصندوق المؤشرات المتداولة كانت متواضعة إلى حدٍ ما هذا الشهر، مما يشير إلى أن غالبية مُلاك صندوق المؤشرات المتداولة الراغبين في الخروج من الذهب قد فعلوا ذلك بالفعل. أما الفضة فقد عادت إلى الساحة بارتفاع بلغ 5.1 % هذا الأسبوع.
فقد ذكر مقال في صحيفة فاينانشيال تايمز هذا الأسبوع أن ما يبلغ 100 مليون أونصة من صناديق تحوط الفضة ربما تكون قد دخلت إلى السوق في الأسابيع الأخيرة، ويمثل هذا 14 % من الإمداد العالمي، غير أننا لسنا مندهشين من ازدياد تطلع المنتجين إلى ثبات سعر الفضة عند 30 دولاراً. أولاً، شهدت الفضة ارتفاعاً مبهراً في السعر. ثانياً، من المرجح أن يلجأ مُنتجو الفضة إلى التحوط أكثر من منتجي الذهب، لأن معظم إنتاج الفضة ناتج فرعي لإنتاج المعادن الأساسية – إنتاج الفضة الأساسي يمثل أقل من 30% من الإمداد السنوي – ولأن التحوط يُعد ممارسة أكثر شيوعاً بين مُنتجي المعادن الأساسية.
يوضح الرسم البياني فيما يلي أن أسعار الذهب مقارنة بأسعار الفضة، والتي يتم تداولها حالياً عند 45، انخفضت بدرجة كبيرة خلال عام 2010 المنصرم، وانتعشت إلى حدٍ ما جرّاء ارتفاع الفضة هذا الأسبوع.
هل هي فرصة ذهبية أم مجرد اتجاه؟
النفط – هل النفط خام غرب تكساس الوسيط أم خام برنت؟
ظلت أسعار النفط المجمعة مستقرة خلال الأسبوع الماضي، لكننا كتبنا عدة مرات عن فجوات أسعار خام غرب كساس/برنت، ولا تزال هذه الحكاية الخيالية بكل بساطة مستمرة.
ورغم أن التوترات في مصر تظل النقطة المحورية في سوق النفط، إلا أن القضايا أوسع من ذلك بكثير وتدور حول خطر عدوى الاضطرابات أو غياب الاستقرار الإقليمي، حيث يجري التخطيط للمظاهرات في كبرى الدول المصدرة للنفط، إذ تستمر الاحتجاجات في اليمن، ويشهد الأردن إصلاحاً سياسياً سريعاً. وفضلاً عن ذلك، ذكرت وكالة رويتر أن الناشطين المعارضين في المملكة العربية السعودية قد تحلوا بجرأة غير عادية حين قاموا علانية بتدشين حزب سياسي، وطلبوا أن يتم تمثيل هذا الحزب في عملية الحوكمة.
ويأتي ارتفاع المخاطر في وقت تتراجع فيه المخزونات إلى مستوى أقل، مما يجعل الحاجز الدفاعي ضد الاضطرابات أقل بكثير مما كان عليه قبل 18 شهراً، وهو ما يزيد من احتمال حدوث تأرجح أكبر في السعر، ومن ثم يظهر تقلب الأسعار، ويزيد الطلب على المخزون.
أسعار خام برنت
أسعار خام غرب تكساس الوسيط