أين ذهب الإصلاح الاقتصادي؟

17/10/2010 4
سليمان المنديل

منذ عام 1973 وحتى اليوم، واقتصادنا يتأثر إيجاباً، وسلباً، بأسعار البترول، وما تمر به من ذبذبات حادة، كان الأسوأ منها ما حدث في منتصف التسعينات الميلادية، عندما أدى العجز المالي إلى وصول الدين العام إلى نسبة 92% من الناتج المحلي، ولكن منذ عام 2004م، وحتى اليوم، تحققت لنا فوائض مالية، نحمد الله عليها، بحيث إن الدين العام اليوم لا يتجاوز 16%، من الناتج المحلي.

عندما تنخفض أسعار البترول، فإننا نبدأ الحديث عن دور القطاع الخاص في الملكية، والتمويل، والتشغيل، لمرافق تملكها، وتديرها الحكومة اليوم، وننسى الموضوع، ونضع عملية التخصيص على الرف، عندما تتحسن الأسعار، ولذلك يطرح السؤال نفسه، أين ذهب الإصلاح الاقتصادي؟

الجميع سعداء بإنشاء المجلس الاقتصادي الأعلى، ولكن وزارة التخطيط والاقتصاد، والتي يفترض أن تكون المحرك لعملية الإصلاح الاقتصادي، بقيت غائبة عن ذلك الدور. أما عملية التخصيص فوضعها أصعب، حيث سبق أن حدد المجلس الاقتصادي الأعلى في عام 2002م، اثنين وعشرين قطاعاً للتخصيص، ولكن فيما عدا التجربة الناجحة في فتح قطاع الاتصالات للاستثمار الخاص، فإن باقي المجالات التي طرحت كانت نتائجها مأساوية، ومنها:-

- قطاع الكهرباء: الذي بدلاً من كسر احتكاره، فقد دمجت الشركات في شركة واحدة، وطلب منها العمل كقطاع خاص، بدون زيادة الأسعار على مسرفي استهلاك الطاقة.

- قطاع التحلية: منح حق الاستثمار لأكثر من محطة تحلية للقطاع الخاص، ثم قررت الحكومة تنفيذ تلك المشاريع. وحدث مثل ذلك في موضوع تمويل الجسر البري للقطارات، وكذلك قررت وزارة الصحة تأسيس شركة لشراء الأدوية، ووزارة التربية والتعليم أسست شركة للتعليم، وصندوق الاستثمارات أسس شركة للتقنية والمعلومات، والجامعات السعودية أصبحت مستثمراً مالياً، أما تخصيص خطوط الطيران فقد أصبح مثالاً جيداً، لمن يطالب بعدم التخصيص، ثم طرح مشروع مصفاة جيزان للقطاع الخاص، وبعد أن صرف المتقدمون ملايين الريالات، قررت أرامكو إنشاء المصفاة. وأخيراً وليس آخراً قررت شركة أرامكو عدم تخصيص أي غاز لشركة سابك، أو للقطاع الخاص، ولسان حالها يقول: إن جحا أولى بلحم ثوره، وقررت إقامة أكبر مشروع للبتروكيماويات في العالم!

كل ذلك يدل على أنه لا توجد نيه صادقة لدى البيروقراطيين، للإصلاح الاقتصادي، أو التنازل عن صلاحيات، أونفوذ، لصالح التخصيص. ولذلك أرجو ألا ننتظر انخفاض أسعار البترول لكي نقوم بما كان يمكننا القيام به من إصلاحات اقتصادية.