حسناً فعلت الحكومة السعودية في السنوات الأخيرة عبر تسليط الضوء على الأمن المائي والغذائي وسن القوانين والتشريعات للمحافظة عليهما وإنشاء المخازن الإستراتيجية الضخمة في باطن الأرض عبر مختلف المناطق في أرجاء المملكة تحسباً لأي طارئ لا سمح الله.
ولعل الجدل حول موضوع رفع الدعم الحكومي الموجة لزراعة القمح وفتح باب الاستيراد سوف يعود إلى السطح مرة أخرى بعد أن حدث ما حذر منه بعض المختصين ومنهم الدكتور تركي الثنيان الكاتب في صحيفة الاقتصادية الذي سطر بقلمه أجمل ما قرأته حين انتقد بشدة الافتراضات التي قامت على مبدأ استيراد القمح بسبب أنه اقل تكلفة ولكي نحافظ على المياه الجوفية.
الذي حصل يا سادة أن كلا الافتراضين قد جانبا الصواب فلا نحن حافظنا على الثروة المائية لأن المزارعين تحولوا لزراعة الأعلاف التي تستهلك من المياه 3 أضعاف زراعة القمح, ولا الاستيراد أصبح اقل تكلفة بسبب الأوضاع السيئة العالمية فالجفاف الروسي إضافة إلى حرائق الغابات اجبر فلاديمير بوتين على إعلان قرار منع تصدير القمح حتى إشعار آخر وترجح التوقعات أن يستمر إلى نهاية العام. الحكومة الأوكرانية أحد اكبر المصدرين أيضاً والتي تعاني مثل جارتها روسيا من الجفاف قامت مضطرة بإلغاء العديد من العقود.
وبالتأكيد أتت ردة الفعل سريعة في بورصات السلع مما انعكس على أسعار العقود المستقبلية التي أخذت في الارتفاع لأرقام قياسية حيث بلغت لشهر سبتمبر القادم 725,25 سنتاً للبوشل أي ما يعادل 284.494 دولاراً للطن غير شاملة لتكاليف الشحن.
وقد نشرت المؤسسة العامة لصوامع الغلال على موقعها الالكتروني أسعار الشراء منذ عام 2008 وكانت الأسعار للطن الواحد واصلاً للموانئ السعودية أقل بكثير من مستويات 284 دولاراً الحالية التي سنضطر للشراء وفق تلك التسعيرة العالمية إضافة إلى تكاليف الشحن.
وهنا جدول يبين أسعار الشراء من قبل المؤسسة العامة لصوامع الغلال منذ نهاية 2008 حينما وصلت أول شحنة مستوردة منذ الثمانينات الميلادية, وللتبسيط قمت بتوحيد أصناف القمح حسب الجودة 14% بروتين و 12.5% بروتين, بسبب أن المؤسسة لم تفصح في بعض الأشهر عن تصنيف القمح مع أن هذا التبسيط سوف يصب في صالح المؤسسة لأنه قلل من التكلفة الفعلية للشحنات.
يعزى الارتفاع الكبير في أول عقد للاستيراد السعودي للقمح إلى توابع الأزمة الغذائية التي شهدها العالم مطلع 2007 وامتدت حتى الربع الأخير من عام 2008. حيث تم توقيع العقد من الجانب السعودي في سبتمبر ذلك العام على أن يتم التسليم ما بين أكتوبر وديسمبر كما هو واضح أعلاه.
ونلاحظ أيضا ازدياد الكميات المستوردة عاماً بعد عام بسبب الإعلان الصريح لنية الحكومة السعودية بتخفيض نسب الشراء من المواطنين بمعدل 12% سنوياً ومنع إصدار أي تصريح جديد لزراعة القمح.
و في حقيقة الأمر فإن الارتفاع الحالي للأسعار قد لا يمثل مشكلة كبيرة لأننا حتى الآن لا زلنا نعتمد على القمح المحلي بشكل كبير و سيكون عام 2016 حسب تصريحات المسئولين في المؤسسة العامة لصوامع الغلال هو العام الموعود لكي تتوقف الحكومة السعودية عن شراء المنتج المحلي وإعلان انتهاء زراعة القمح رسمياً في المملكة العربية السعودية حيث أنه من المعلوم أن القمح لا يسمح بتصديره خارجياً منذ وقت طويل.
وحينما تبدأ الكميات المستوردة في الارتفاع مع مرور السنين ومع تقنين المزارعين المحليين لمحصولهم فإننا سوف ننكشف أكثر على التقلبات الحاصلة في الأسواق العالمية وسيصبح التأثير مؤلماً بلا شك.
في الوقت الراهن تستهلك المملكة 3 ملايين طن سنوياً, وهنا جدول بمستويات افتراضية مختلفة من الأسعار تتراوح مابين 220 وحتى 700 دولار للطن و توضح لنا التكاليف الباهظة التي سوف نتكبدها في حال الاعتماد على الواردات كلياً.
ولكن هل استهلاكنا سيقتصر على ثلاث ملايين طن في قادم السنوات ؟ بالتأكيد لا. وتبعاً لذلك فالفاتورة الواجب دفعها سوف تصبح اكبر. مما سوف يترتب عليه إرهاق الحكومة بدعم سعر القمح تجنباً لتمرير التكلفة على المستهلكين. نظراً لما تمثله منتجات مثل الخبز من ضرورة غذائية يومية.
أنا هنا لا أطالب بالعودة لزراعة القمح في المملكة ولكن أطالب بمنع زراعة الأعلاف أيضاً في المناطق شحيحة المياه والاتجاه للاستثمار الزراعي في أرجاء العالم وليكن على سبيل المثال في ثلاث مناطق إستراتيجية مختلفة مثل أسيا الوسطى والسودان وأمريكا الجنوبية عبر إعطاء المزيد من الاهتمام الحكومي لهذا الأمر وجعله أولوية ضرورية غير مرتبطة بما عهدناه من بطء في تشريع القرارات والبيروقراطية في التعامل والتعقيدات الغير لازمة.
ينبغي أيضاً إيجاد حلول بديلة للمزارعين عبر استبدال أراضيهم الزراعية بأخرى سكنية في الفضاءات الشاسعة وإنشاء صندوق استثماري زراعي بدعم وإشراف من الحكومة السعودية و يقوم بإصدار عقود استصناع وإجارة إسلامية مفتوحة تنطوي جميعها تحت مظلة ورقة مالية موحدة للمستثمرين والمواطنين مع إعطاء الأولوية للمزارعين للمشاركة في عملية الاستثمار لتأمين الأمن المائي والغذائي وتحقيق عوائد كمدخولات ثابتة للمواطنين. وتقوم الدولة بشراء محصول القمح من المواطنين أحمد وعادل وخالد الذين يمتلكون حصصاً في مزرعة قمح بالأرجنتين مثلما كانت تشتريه منهم سابقاً من مزارعهم في الجوف وحائل والقصيم.
الأزمة الغذائية عام 2007 كانت الإنذار الأول, والأزمة الروسية هي الإنذار الثاني, فهل نحتاج لإنذار ثالث حتى نراجع سياستنا وخططنا المستقبلية؟ هل تكون الثالثة ثابتة يا وزارة الزراعة؟ نسأل الله العلي الكريم أن يلطف بنا ويديم النعم التي أنعم بها علينا وكل عام وانتم بخير .
مشكور على الطرح المهم استاذ صالح لكنني أراك تدعو لاستمرار الدولة في الدفع فوق سعر السوق لكبار المزارعين السعوديين. أعتقد لو وفرت السعودية ديون من غير فوائد لمن يريد أن يزرع في الخارج مقابل ضمان (عرضبيع المنتج داخل السعودية
شكرا أستاذ صالح على المقال. اضافة الى ماتفضلت به , حبذا لو الدوله على الأقل في المرحله المتبقيه من سنوات شراؤها للقمح المحلي(( مع التزام المنتجين بالنسب المقرره لهم سلفا,)) ان يكون سعر الشراء مساوي للسعر العالمي, أخذا في الاعتبار ان المنتجين المحليين ملزمين بأيصال انتاجهم لمقرات الصوامع, وهذه كلفه اضافيه, بمعنى ان يكون السعر للمنتج المحلي مساوي للمستورد (واصلا) لمقرات الصوامع. فكما هو منشور في الجدول الاول ان متوسط سعر الطن 265 دولار, ويضاف اليه سعر النقل من الميناء الى الصوامع الذي لن يقل عن20 دولار للطن, بذلك سيكون السعر بين 285 دولار, بينما الآن الدوله تدفع تقريبا اقل من 260 دولار,, لانها تخصم ما نسبته ( 5-7)% تقريباعن الشوائب, التي تدخل كأنها اعلاف مجانيه.
شكرا لك أستاذي الكريم MarketWatch ولكن بالامكان ان يشارك الكل في عملية الاستثمار وليس كبار المزاعين فقط عبر طرح الحصص للعامة و حتى لو دفعت الدولة أعلى من سعر السوق قليلاً ففي نهاية الامر نحن حافظنا على الماء والعوائد ذهبت لأبناء الوطن . وأؤيد ماذهبت اليه من توفير الدعم المالي بدون فوائد .
شكرا لك أستاذي الكريم نيوترون . الشراء بالسعر العالمي من مصلحة المزاعين المحليين وربما سيتأخر بعضهم في الخروج من السوق وهذا ضد توجهات وزارة الزراعة في ايقاف زراعة القمح نهائياً لأنها سبق وقررت اخراجهم بتقليل حصص الشراء منهم تدريجياً كل سنة بنسبة 12% .
استاذ صالح, اقتراحي ليس له علاقه بتاريخ الخروج, بمعنى الآن الدوله تقول خلال خمس سنوات ستتوقف عن الشراء من المنتجين المحليين, نقول نعم خلال هذه السنوات الخمس يفضل ان لا يبخس المنتج المحلي حقه من السعر العالمي, وهذا لكي تقل عليه تكلفة المعدات الزراعيه, التي استغنى وسيستغني عنها خلال هذه السنوات الخمس القادمه.