تم إصدار نشرة اكتتاب شركة جبل عمر للتطوير في 2 يونيو 2007، ثم تم طرحها للاكتتاب في 9 يونيو 2007 بدون علاوة إصدار - 10 ريال سعودي للسهم - حيث اكتتب المؤسسون بـ 70% من رأسمال الشركة بينما تم طرح 30% للاكتتاب العام الذي تمت تغطيته بـنحو 3.09 مرة وبأكثر من 5 مليون مكتتب.
وقامت الشركة في 17 ديسمبر من نفس العام بتكليف مجموعة بن لادن السعودية وشركة سعودي اوجيه بتنفيذ مشروع جبل عمر للتطوير بمبلغ يقدر بـنحو 11 مليار ريال خلال ثلاث سنوات بأسلوب التصميم والبناء. وعند مراجعة نشرة الاكتتاب يتبين للمستثمر أن حجم المشروع الكلي يبلغ 12.7 مليار ريال، وأن أعمال التصميم والبناء ستكلف الشركة 6 مليار ريال! وفي إعلان التوقيع على موقع تداول، قامت الشركة بالإشارة للتالي "مع العلم انه سيتم توفير جزء من المبلغ المشار اليه عن طريق المصادر الذاتية والجزء الآخر سيتم تدبيره من خلال اساليب التمويل الإسلامية واساليب التسويق المتعارف عليها بإعتبار ان المشروع يقع في منطقة استراتيجية من الناحية التجارية دون اللجوء الى زيادة راس مال الشركة ."
وحيث أن الفرق بين المبلغين غير جوهري في نظر إدارة الشركة – 5 مليار ريال – فقد تم الانتظار لـ 5 يوليو 2008، أي بعد نحو سبعة أشهر، للإعلان عن اعتزام الشركة التوقيع مع جدوى للاستثمار من اجل تقديم الاستشارات المالية الخاصة بترتيب التمويل البالغ قيمته 12.4 مليار ريال لبناء مشروع جبل عمر. وعند متابعة تسلسل الإعلانات، يتبين بأن المبلغ المطلوب قد ارتفع من 5 مليار ريال لـ 12.4 مليار من دون قيام الشركة بإعلان أو توضيح الأسباب المؤدية للزيادة "الطفيفة" في التكاليف!
ومن خلال الإعلان في موقع تداول، صرح رئيس مجلس إدارة الشركة بالتالي " ان جدوى للإستثمار لديها فريق خاص من الموظفين المؤهلين لإدارة وتدبير تمويل بهذا الحجم". وبعد 10 أشهر من إعلان "الاعتزام وليس التعاقد" قامت الشركة بإعلان إنهاء التعاقد مع جدوى للاستثمار، وبحسب الإعلان " لعدم تمكنهم – أي جدوى للاستثمار - من تأمين التمويل في المواعيد التي أوعدوا بها وقد سبق للشركة ".
وفي 24 مايو 2009 تم تعاقد الشركة مع الراجحي المالية وذلك من اجل تقديم الاستشارات المالية وترتيب التمويل اللازم لمشروع جبل عمر عن طريق منتجات مصرفية متنوعة متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وعليه قامت الشركة في 21 نوفمبر 2009 بتوقيع اتفاقية مع شركة الراجحي المالية للقيام بدور المستشار المالي ومدير الاكتتاب ومتعهد التغطية في أسهم حقوق الأولوية وستقوم شركة الراجحي المالية نيابة عن الشركة بالتقدم إلى هيئة السوق المالية بالمستندات اللازمة والحصول على موافقتها على زيادة رأس مال شركة جبل عمر للتطوير بعدد 167.850.000سهم بما يعادل 1.678.500.000ريال بحق الأولوية أي زيادة رأس مال الشركة بنسبة 25% على أن يتم تحديد علاوة الإصدار لاحقاً.
وبناءً على ما سبق، هل يحتاج مجلس إدارة الشركة حوالي سنتين من الدراسة المستفيضة لاتخاذ قرار التوصية بزيادة رأس مال الشركة؟ وهل زيادة رأس المال المذكورة في الإعلان أهم من مبلغ التمويل الإسلامي المطلوب والمقدر بحوالي 10 مليار ريال (بحسب إعلان 5 يوليو 2008)؟ وهل للمساهم الحق في معرفة حجم ومصادر هذا التمويل؟
ويستمر المسلسل في 6 يوليو 2010 – أي بعد أكثر من سنة على الإعلان الأول، تقوم الشركة بإعلان التالي " وبعد دراسات مستفيضة مع المستشار المالي للشركة "شركة الراجحي للخدمات المالية" فقد اتضح أن المبلغ الذي تحتاجه الشركة هو 2,580,000,000 ريال بحق الأولوية وستقوم الشركة بالرفع للجهات المختصة بخصوص هذه الزيادة، وسيتم تحديد علاوة الإصدار لاحقاً". وحيث أنه لم يتم تحديد المبلغ المطلوب في إعلان حقوق الأولوية السابق - 24 مايو 2009 - فإني أرجوا من إدارة الشركة توضيح كيفية حساب المبلغ المطلوب وما هو سبب قدرتهم في حساب المبلغ المطلوب وليس عدد الأسهم الآن والعكس في الإعلان السابق؟ وبالتمعن في كيفية سرد المعلومات في الإعلانيين السابقين يتبادر إلى ذهني السؤال التالي: هل تم تحديد / التوصية بسعر اكتتاب بـ 15.4 ريال للسهم من قبل مجلس الإدارة؟ إذا افترضنا ذلك، هل سيقوم المستثمر بالاكتتاب إذا كان السعر الحالي المعدل 13.9 ريال للسهم ( سعر السهم الحالي 18.6 ريال وزيادة رأس مال الشركة بـ 25%)؟ وعليه، هل قامت "الراجحي المالية" بإنهاء إجراءات ترتيب القرض (التمويل الإسلامي) ذو المبلغ "غير المعروف" لنفترض أنه 10 مليار ريال؟ وإذا تحقق ذلك أليس للمساهم الحق في معرفة ذلك؟ وإذا لم يتم ذلك ما هي الأسس المستخدمة في معرفة "المبلغ المطلوب" في الإعلان الأخير؟
ودون شك، فإن المشروع يمتلك عدد من المزايا التنافسية بسبب موقعه ومجموعة المؤسسين والخدمات التي ستقدم للحاج أو المعتمر. ولكن السؤال المهم هو: هل كانت آلية الطرح هي الأمثل؟ وهل سيتم الطلب من الشركات المطورة للمشاريع في مكة المكرمة والمدينة المنورة وباقي المدن الاقتصادية بالطرح للاكتتاب العام بعد هذا المسلسل؟ إذا كان الجواب بنعم، فما هي الخطوات المطلوبة لعدم تكرار تجربة جبل عمر؟
وختاماً، من المهم وضع عدد من الشروط على شركات التطوير الملزمة بالطرح العام كالتعهد بتغطية التمويل المطلوب من جهات قادرة على ذلك (البنوك والصناديق الحكومية)، وجود شريك فني ذو خبرة محلية أو إقليمية في تطوير مشاريع عقارية بهذا الحجم والكيفية، خطاب من المساهمين المؤسسين بالموافقة على التكلفة الإجمالية للمشروع، دراسة جدوى اقتصادية من مكتب ذو خبرة، وخطاب نوايا موقع مع المشغلين لنسبة 50% من المشروع. وعند عدم توفر هذه الشروط، يجب عدم إرغام الشركات على الطرح للاكتتاب العام، بل التريث لحين تحقق الشروط بالتأكد من قدرة الشركة على القيام بالمشروع وتحقيق الأرباح ليتم بعد ذلك إدراجها في تداول عوضاً عن طرحها للاكتتاب العام.