بدعم من قوتها المالية وبدافع من المنافسة المتزايدة وتشبع أسواقها المحلية، دأبت شركات الإتصالات الخليجية إلى نهج برامج توسعية هائلة منذ عام 2004 لتتواجد حاليا عبر 78 سوقا عالميا ممتدا من أندونيسيا إلى جنوب إفريقيا، والعدد مرشح للإرتفاع طبعا.
غير انّه وبالرغم من هذه التوسعات الغير مسبوقة، لاتزال شركات الإتصالات الخليجية تجني أكثر إيراداتها من اسواقها المحلية في الوقت الذي لاتحس فيه بعد بنتاج ما زرعته من مليارات الدولارات في توسعاتها الخارجية طيلة خمس سنوات سابقة.
فبمقارنة بسيطة نجد أن غالبية شركات الإتصالات الخليجية تعتمد بشكل رئيس في إيراداتها على أسواقها المحلية عكس ماهو الحال عند شركات الإتصالات الأجنبية (كالأوربية مثلا)، وبالرغم من إستثماراتها الضخمة في التوسع خارجيا والتي فاقت 33 مليار دولار مابين 2004 و2009، يبدو أن شركات الإتصالات الخليجية لم تبدأ بعد في جني إيرادات ملموسة من عملياتها الخارجية.
ويأتي خلف ذلك أسباب عديدة كمثل كون بعض الاسواق التي استثمرت فيها شركات الإتصالات الخليجية اسواقا بدات لتوها في النمو وبالتالي من المبكر الحديث عن مساهمتها في إيرادات الشركات المستثمرة، ضف إلى ذلك الطرق المحاسبية التي تتبعها شركات الإتصالات في إحتساب مساهمة عملياتها الخارجية، إلى جانب عوامل أخرى.
وحيث ان هناك أمثلة ناجحة مثل عمليات شركة إتصالات الإماراتية في مصر والسعودية وشركة الاتصالات السعودية في الكويت والبحرين، وشركة بتلكو البحرينية في الأردن واليمن، وكذا شركة زين الكويتية في نيجيريا وشركة كيوتيل في إندونيسيا، إلا أنّ شركة بورز أند كو الإستشارية رأت بانّها اقتصرت على الأسواق الإقليمية في غالبيتها. واعتبرت بورز أند كو أنّ هذه الأمثلة من شركات الإتصالات الخليجية لم تتعد المرحلة الثانية ضمن مراحل التوسع الخارجي والتي لخصتها (بورز أند كو) في ثلاث مراحل؛ تبدأ من التركيز على السوق المحلي ثم التركيز على السوق الإقليمي في المرحلة الثانية وفي المرحلة الثالثة والأخيرة التطلع لأسواق خارجية أخرى والتركيز عالميا.
وفي ذات الوقت فإنّ عمليات شركات الإتصالات الخليجية وشركاتها التابعة في الخارج تعمل في أكثر الأحيان وكانها وحدات مستقلة قانونيا ولها مجلس إدارتها الخاص بها، وتنشط بإستقلالية كما تفتقر لتمثيل كاف في الفرع الرئيس أو لدى الشركة الأم بشكل عام بحسب شركة الإستشارات بورز أند كو، التي رأت أنّ ذلك يخلق محفظة إستثمارية بدلا من شركة أو مؤسسة عالمية متكاملة ومن شأن ذلك التسبب في إيجاد عوائق للشركة المستثمرة في خلال طريقها لسلم العالمية.
وبالتالي فأمام شركات الإتصالات الخليجية تحديات لابد ان تأخذها بعين الإعتبار في مسارها إلى العالمية، وعليها أن تجيد عددا من العوامل المهمة منها إتخاذ نماذج تحكم مناسبة تساعد على تبسيط عملية التخطيط الإستراتيجي في الشركات التابعة وبالتالي خلق التحالفات بين فروع المجموعة كلها لمحو أي استقلالية لفرع عن بقية فروع الشركة الأم، إلى جانب إتباع نماذج تنظيمية وإدارية في مستوا يجعلها تساعد في إتخاذ القرارات المناسبة، ضف إلى ذلك مرونة وتأقلم هذه الشركات مع قيم وثقافات الأسواق المستهدفة إلى جانب حسن إختيار إداريين كفؤين وموهوبين تتناسب قدراتهم وطموحات العالمية التي تسعى إليها الشركة، بحسب ما خلُصت إليه بورز أند كو.