ماذا تريد وكالات التصنيف الائتماني؟!

27/03/2010 0
محمد العنقري

قبل أيام قامت مويز أحد أشهر وكالات التصنيف الائتماني العالمية بتخفيض الدرجة التصنيفية لشركات حكومية من دولة قطر هي أربع شركات تحت اسم راس لفان، مرقمة من واحد الى أربعة، وقد سبق ذلك ايضا تخفيض التصنيف لشركات حكومية اماراتية، وإلى هنا لا يوجد غرابة بالامر؛ فالدول والشركات تسعى للحصول على تصنيف ائتماني يساعدها على الاقتراض عند الحاجة وتقوم باستدعاء وكالات عالمية وتطلعها على كل ما تحتاجه من معلومات مقابل أتعاب معلومة ثم يصدر التصنيف وتغيير هذه الدرجات مستقبلاً أيضاً لا يشكل مبعث غرابة؛ فالأوضاع الاقتصادية تلعب دورا بنشاط الشركات وايرادات الدول، لكن عندما نعرف ان سبب تغيير التصنيف لتلك الشركات الخليجية ليس اوضاعها المالية بل لانه لايوجد وضوح بمدى ضمان الحكومات لقروض تلك الشركات التي تعمل وفق مبدا تجاري فمن اين اتت تلك الوكالات بفرضية أن الدول تضمن القروض، وكيف يمكن أن تكون شركة تجارية، وأن كانت حكومية مستحقة لتصنيف تحصل بموجبه على قرض اذا كانت الحكومة ستتضمنه فالمواطن هو ابن الحكومة فاذا صنفت شركته وفق درجة معينة فهل ستقوم الوكالة بمطالبته بضمان حكومي مثلاً.

وقد يقول البعض إن هذه الشركات حكومية، وبالتالي قد يلعب دور هذه الملكية سلبا في مدى تحرر الادارة من الببروقراطيات المعروفة لكن سبب انشاء هذه الشركات من قبل الحكومات الخليجية معروف ففي وقت تزخر دولنا بامكانيات اقتصادية كبيرة الا ان استثمارها يحتاج لرؤوس أموال كبيرة وهذا ماحدى بالحكومات لانشاء تلك الشركات وتشغيلها ودعمها بمزايا تضمن لها النجاح ثم يتم طرحها على المواطنين للاستفادة من خيرات البلد بعد ان تكون تلك الشركات نجحت في الوصول للاهداف المرسومة لها والامثلة كثيرة لدينا خصوصا بالمملكة سواء بشركة سابك او الاتصالات التي تم تاسيسهما حكوميا ولم يتم طرحهما للاكتتاب العام الا بعد سنوات من النجاح وتم تقديم كافة اوجه الدعم وفي الخليج امثلة كثيرة كصناعات قطر وبعض الشركات الكبرى الاخرى.

وما يجب طرحه عندما تاتي تلك الوكالات وتعرف تماما ان هذه الشركات اسست وفق صيغ واضحة تتعلق بنا كاقتصاديات ناشئة تحتاج دائما للدعم الحكومي والمبادرة الرسمية بالمشاريع الاستراتيجية هل غاب عنها ان تسال مدى الضمان الحكومي لها واين سيقف وهل فاتها ان تلك الشركات تجارية وهل فاتها النظر للمقارنة التاريخية لشركات حكومية ناجحة انشات وفق نفس الصيغة.

ام ان المسالة هي لحفظ ماء الوجه خوفا من أي تداع بعد ازمة دبي العالمية والتي يتم تقديم دعم رسمي مباشر لها الان أي ان الدعم موجود ولكن ليس وفق الصيغة التي تحاول ان تكسب من خلالها الوكالات سمعتها عند الاسواق العالمية.

ولو اخذنا بمبدا الدعم والضمان فعلينا اولا ان نسال عن الخسائر التي لحقت بالمستثمرين والاسواق عموما جراء تصنيفات قدمت لبنوك افلست او تهلهلت بالدول الكبرى اليس السؤال الجوهري بان أي تصنيف يعني مسؤلية فاين الحساب على ما حصل سابقا الا تقوم الوكالات بتخفيض التصنيف اليوم لشركات خليجية لحماية المقرضين فاين كانت هذه النقطة في عملهم السابق مع من افلس وانهار دون سابق انذار صريح وواضح منهم بل ان ليمان براذرز حصل على تصنيفات عالية قبل انهياره بفترة تعتبر قصيرة.

الا يمثل تحرك الوكالات الان في سوق الخليج عاملا سلبيا على الشركات بشكل خاص ويحد من قدراتها على النمو رغم كل الدعم المباشر وغير المباشر من الحكومات اليست دول الخليج هي من اقل المناطق تاثرا بالازمة واكثرها ضمانا لقطاع الاعمال خصوصا الاستراتيجي منه وفق معطيات كل دولة.

لقد تدخلت الحكومات الخليجية مرارا لدعم شركاتها وتقدم لها مزايا خاصة وتزخر تلك الشركات بملاءة مالية ممتازة وتسير وفق خطط ترتكز اساسا على استراتيجيات النمو الاقتصادي المستدام افلا يشكل هذا اكبر دعم وضمان مطلوب كما ان تلك الوكالات هي من كان يرى في كل ذلك مزايا منحة بموجبها الشركات الخليجية الكبرى اعلى التصنيفات ومازالت تلك المقومات موجودة فما الذي تغير حتى تاتي المؤسسات المصنفة لتغير من نظرتها لها.

اعتقد ان الوقت حان لكي تفرض دول الخليج رقابة أكثر على تلك الوكالات وان تضع شروطا للتعامل معها فدولنا هي الاقوى موقفا وهم من يحتاج لاسواقنا فنحن اقتصاديات تنمو بشكل جيد ونملك مقومات النجاح أكثر من غيرنا لاعتبارات عديدة أبرزتها الازمة المالية العالمية مما يعني ضرورة تغيير طرق التعاطي مع تلك المؤسسات بل وتشجيع قيام وكالات خليجية فلم يعد هناك الكثير من الاسرار بمثل هذه المهن والكوادر الخليجية موجودة وامكانية استقطاب الخبرات العالمية سهلة، فإلى متى سنبقى بحاجة من توجه لهم أصابع الاتهام بأنهم أحد أسباب الازمة التي عصفت بالعالم.