لا يزال عدد الصناديق المتداولة في السعودية قليلا جداً، حيث يوجد نحو 20 صندوقا عقاريا متداولا، و5 صناديق مؤشرات متداولة، و4 صناديق استثمار مغلقة متداولة، والنوع الأخير هذا هو الذي يمكن من خلاله التوسع في اختيار الأصول من أسهم وغيرها لتلبية احتياجات المستثمرين، لكن لا تزال هناك إشكالية في بقاء هذه الصناديق بشكل مغلق، حيث إن ذلك يؤدي إلى تباين كبير بين سعر الصندوق الحقيقي وسعره في السوق، ما يجعل كثيرا من المستثمرين يبتعدون عن هذه الصناديق. أما في الولايات المتحدة فهناك كم هائل من الصناديق المتداولة المغلقة والمفتوحة، التي تتمتع بأصول ضخمة وسيولة يومية كبيرة، وتستثمر في أنواع متعددة ومتنوعة من الأصول، كالسندات والأسهم والعقود المستقبلية والعملات المشفرة وعقود الخيارات وغيرها.
أحد آخر هذه الصناديق ما قام بدعم إنشائه صندوق الاستثمارات العامة مطلع هذا العام، حيث تم ضخ 750 مليون ريال في صندوق سندات سعودية متداول من ضمن صناديق "ستاندرد آند بورز" بهدف جلب رؤوس الأموال الأوروبية إلى سوق السندات السعودية. والصناديق المتداولة تستخدم في عدة مجالات وتعد أحد أفضل الطرق لمن يرغب الاستثمار في قطاعات محددة أو في سوق كاملة أو حسب عوامل مالية أو فنية معينة، ويرغب في تحقيق ذلك من خلال إدارة احترافية وتكاليف إدارية قليلة وسيولة عالية.
عدد الصناديق المتداولة في الولايات المتحدة يتجاوز 3500 صندوق، أولها وأشهرها صندوق SPY المطابق في أدائه لأداء مؤشر "أس آند بي 500"، وأكبر شركة تدير الصناديق المتداولة هي مجموعة "بلاك روك" بأصول تبلغ نحو 3.2 تريليون دولار، ثم شركة "فان جارد" بصافي أصول 3.1 تريليون دولار، ثم تأتي شركات أخرى مثل "ستيت ستريت" و"إنفسكو" و"تشارلز شواب" و"جي بي مورجان تشيس" و"فيديليتي" ونحو 400 مؤسسة مالية أخرى تطرح صناديق متداولة متنوعة.
كانت الصناديق في المجمل غير نشطة وتتبع مؤشرات محددة، ثم بدأت في التنوع وتقديم نكهات مختلفة، سواء بالابتعاد عن مطابقة المؤشر بنسبة 100% حيث يتم التركيز على فئات معينة داخل المؤشر، كما في أسلوب "بيتا الذكي" الذي ينتقي الأسهم الداخلة في المؤشر بالاعتماد على عوامل أخرى، مثل العائد على الأرباح الموزعة أو سعر السهم الدفتري أو نمو صافي الأرباح أو غيرها، مع بقاء هذه الصناديق غير نشطة، أي لا تزال تتبع المؤشرات، لكن تستهدف جوانب معينة وأوزانا معينة.
مثلاً من يرغب في استهداف شركات تقنية المعلومات فهناك صندوق متداول، رمزه VGT، يحتوي على أكثر من 300 شركة متخصصة في البرامج والأجهزة والاستشارات، فيختلف عن الاستثمار في المؤشرات التقنية العامة، وقد ارتفعت قيمة أصوله إلى نحو 100 مليار دولار حالياً، ومكرره 33 يعتبر مرتفعا نوعاً ما مقارنة بالأسهم بشكل عام، مثلاً أسهم "أس آند بي" مكررها حالياً 25. ومن يبحث عن توزيعات أرباح عالية يتجه إلى صندوق شركات التوزيعات العالية HDV، الذي يتتبع أداء مؤشر مقدم من Morningstar ويحتوي على شركات كبرى لديها توزيعات نقدية كبيرة، وهي شركات آمنة ومستقرة، أكثرها في الرعاية الصحية والخدمات والمنتجات الاستهلاكية وبعض شركات النفط الكبرى، وتبلغ نسبة التوزيعات حالياً 3.4%، لذا سعر الصندوق أقل تذبذباً بسبب طبيعة الشركات الداخلة فيه، فنجد أن معامل بيتا فيه 0.68، أي أقل من تذبذب السوق.
من يستهدف شركات دولية كبرى غير أمريكية قد يجد الصندوق المتداول VEU مناسباً، برسوم سنوية فقط 0.04%، ويتتبع حركة مؤشر "فوتسي" المختص بالأسهم الدولية غير الأمريكية، ويحتوي على شركات مثل علي بابا و"تنسينت" الصينيتين، وشركة "نستله" وسامسونج وتويوتا وشركات أدوية مثل "روش" و"أسترازينيكا" و"نوفارتس". كما أن الصندوق VWO من "فانجارد" يختص بالشركات الدولية الكبرى دون شركات الدول المتقدمة في أوروبا واليابان، كون ذلك يناسب بعض إستراتيجيات الاستثمار. كذلك هناك صناديق مختصة بالهبوط، أي ربح المستثمر يأتي من هبوط الأسهم لا من ارتفاعها، وهي على الأقل وسيلة مؤقتة للاستفادة من هبوط الأسعار في قطاع معين أو في السوق ككل، مثل SH المعاكس لصندوق SPY، ويحقق نتائجه من البيع على المكشوف والعقود المستقبلية وعقود الخيارات وعقود المبادلة والسندات، لذا فهو مفيد لمن يرغب في البيع على المكشوف، لكن لا يستطيع القيام بذلك بنفسه.
هناك صناديق أخرى تختص بمجالات محددة وتفرعات معينة مثل شركات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية والأمن السيبراني ومدفوعات المحمول ووسائل الإعلام الرقمية وإنترنت الأشياء، وبعضها يأتي ويذهب دون تحقيق نجاحات مستمرة، وبعضها يزدهر فقط لفترة معينة، وتتكاثر هذه الصناديق مع ازدهار حركة أسواق الأسهم وتتراجع مع تراجع شهية المستثمرين نحو الأسهم، مثل صندوق الإلهام العالمي الموجه للمسيحيين، وصندوق الألعاب الإلكترونية وصندوق البدانة الموجه للشركات المتخصصة في معالجة الوزن واللياقة العامة.
نقلا عن الاقتصادية