مصارع التحديات - مندوب توصيل الدراجات النارية

12/01/2025 0
فارس المناشي

استوقفتني صورة انتشرت لسائق توصيل يصارع الأجواء المطرة لتوصيل طلب لأحد الزبائن. جلست أتأمل الصورة وأفكر في حياة سائق التوصيل والصعوبات التي يواجها خلال يوم عمله لكسب لقمة عيشه، خاصة أولئك الذين يعتمدون على الدراجات النارية في توصيل الطلبات، يبدأ يوم عمل سائق التوصيل بإسلام الدراجة النارية الخاصة به، و يذهب بعدها للمنطقة المتفق عليها من قبل مشرفه لاستلام الطلبات، و بعدها ينتظر استلام طلبات العملاء و البدء بالانتظار في المطعم لاستلام الطلب و من ثم التوجه للعميل لتسليم الطلب، هذه باختصار سلسلة المهام اليومية لسائق توصيل الطلبات، قد تبدو طبيعة عمل سائق التوصيل سهلة، و لكن طبيعة عمل سائق التوصيل الذي يستخدم الدراجة النارية محفوفة بالمخاطر و الصعاب و انا هنا لا اتطرق فقط لمواجهته للزحام و تعرضه المستمر للحوادث الخطرة فقط، بل اود التطرق أيضا لصعوبة الأجواء خاصة في منطقتنا، من حرارة الجو و تعرضه للشمس بشكل مستمر في فصل الصيف، و في مواجهة الجو البارد في فصل الشتاء، و لن ابالغ ان ذكرت مواجهة الامطار و العواصف أيضا.

لا توجد إحصائيات رسمية حول نسبة حوادث الدراجات النارية المستخدمة في توصيل الطلبات، ولكن الأكيد في الأمر ان الهيئة العامة للنقل اوقفت منح التراخيص لتوصيل الطلبات عبر الدراجات النارية في أكتوبر 2024، في انتظار صدور اللائحة التنظيمية الجديدة. هذا القرار يعكس تحديات السلامة، خاصة مع تسجيل 4,314 مخالفة خلال شهر سبتمبر 2024 فقط. لذا، ينبغي أن تكون اللوائح التنظيمية القادمة أكثر صرامة لضمان التزام جميع تطبيقات التوصيل بمعايير السلامة وحماية العاملين، بحكم تخصصي في إدارة الموارد البشرية، اود التطرق اكثر لدور شركات التوصيل في تسهيل طبيعة عمل هذا الموظف من تحديد ساعات عمل توائم طبيعة العمل الصعبة بالإضافة الي تحديد حوافز لا تؤدي الي مخاطر و اجهاد جسدي بالإضافة الي تشديد على الاتزام بمعايير السلامة.

ربط تحفيز السائقين بعدد الطلبات اليومية فقط يعد خطأ شائعًا قد يؤدي إلى مشاكل خطيرة مثل الإجهاد الجسدي والضغط النفسي. لذلك من الضروري أن تعتمد الشركات معايير تقييم أكثر شمولية تأخذ بعين الاعتبار الجودة بدلاً من التركيز فقط على الكمية. يجب أن تشمل هذه المعايير عوامل مثل نسبة الحوادث وجودة الخدمة والالتزام بالسياسات المتبعة. هذا النهج المتوازن يضمن تقدير جهد السائقين بشكل عادل، ويحسن تحفيزهم بطريقة تتناسب مع طبيعة عملهم، دون أن يشعروا بالضغط لتحقيق أرقام قد تؤثر على صحتهم وسلامتهم. و هناك قرار وزاري مهم قد يشمل سائق توصيل طلبات النقل الخفيف، وهو قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس من الساعة 12 ظهرا الي الساعة 3 مساء لذلك من المهم ربط هذه القرارات باللائحة الصادرة من هيئة النقل لتقليل نسبة الحوادث.

اود التطرق اكثر على التحفيز، رغم أهمية التحفيز كأداة لتعزيز الأداء، إلا أنه قد يتحول إلى سلاح ذو حدين إذا لم يتم استخدامه بعناية. وضع أهداف غير واقعية، مثل مطالبة السائقين بتوصيل عدد كبير جدًا من الطلبات يوميًا، قد يؤدي إلى زيادة الإجهاد الجسدي والنفسي، وبالتالي ارتفاع احتمالية وقوع حوادث سير بسبب الإرهاق. لذلك، من الضروري أن تكون الأهداف واقعية ومتناسبة مع طبيعة العمل. على سبيل المثال، يمكن تحديد عدد طلبات يومي معقول يضمن جودة الخدمة دون الإضرار بصحة السائق. كما يجب إعادة النظر في ساعات العمل، خاصة في الوظائف المجهدة مثل التوصيل.

في الختام، يمكننا أن نستخلص أن حياة سائق التوصيل ليست مجرد رحلة لنقل الطلبات، بل هي مزيج من التحديات الجسدية والنفسية التي تتطلب منا كأفراد ومجتمع أن نتعامل معها بوعي أكبر. لا يقتصر الأمر على تحسين ظروف العمل وتوفير الحماية اللازمة للسائقين، بل يشمل أيضًا مسؤولية الشركات في تبني سياسات أكثر شمولية، توازن بين الأداء والجودة، وتحافظ على سلامة موظفيها. هذه المسؤولية المشتركة تعزز بيئة عمل آمنة ومستدامة، وتضمن في النهاية تقديم خدمات توصيل مميزة تلبي احتياجات الجميع بشكل مسؤول وعادل.