في خطوة متوقعة إلى حد ما، أرجأت "أوبك بلس" زيادات العرض المخطط لها، وتعهدت الآن بالبدء في تخفيف تخفيضات الإنتاج ابتداء من أبريل 2025 فصاعدا. وفي الوقت نفسه، تم تمديد تخفيف تخفيضات الإنتاج بالكامل لمدة عام حتى نهاية 2026، على خلفية خفوت الطلب ونمو معدلات الإنتاج من دول خارج المجموعة، في هذا الجانب، قال وزير الطاقة، الأمير عبد العزيز بن سلمان: "إن قرار مجموعة "أوبك بلس" تأجيل بدء زيادات إنتاج النفط 3 أشهر حتى أبريل استند إلى العوامل الأساسية للسوق.. ومرتبط بشكل أساسي بمسألة أن الربع الأول ليس موعدا جيدا لزيادة الإنتاج لأنه معروف بزيادة المخزونات"، بالفعل، وصف عديد من المحللين القرار بأنه خطوة إيجابية، ما يؤكد التزام "أوبك بلس" باستقرار السوق. ومع ذلك، لم يكن هذا كافيا لإقناع أسواق النفط برواية صعودية، حتى تأجيل زيادة حصة الإمارات الأساسية لم يكن كافيا لمنع أسعار خام برنت من الانخفاض مرة أخرى إلى ما دون 72 دولارا للبرميل.
في الواقع، على الرغم من هذا القرار، ظلت أسعار النفط تحت الضغط وسط مخاوف متزايدة بشأن ضعف الطلب العالمي وزيادة العرض في الأسواق. وكان أحد أسباب ذلك أن قرار "أوبك بلس" كان متوقعا، والسبب الآخر هو أن هذا القرار عزز التصور بأن الطلب على النفط ضعيف بحيث لن تتمكن المجموعة من إعادة أي إمدادات. لكن، بعض المحللين حذروا من أن هذا التصور قد يكون مضللا، مع استعداد سوق النفط للتصحيح العام المقبل، وتراجعت معنويات السوق بشكل أكبر مع تعزيز البنوك لتوقعاتها لفائض الإمدادات لعام 2025. وتوقع بنك أوف أميركا أن تؤدي زيادة فائض العرض إلى دفع أسعار خام برنت إلى متوسط 65 دولارا للبرميل في 2025، حتى مع انتعاش نمو الطلب إلى نحو مليون برميل يوميا العام المقبل.
في حين، خفض بنك إتش إس بي سي (HSBC) توقعاته لفائض العرض لعام 2025 إلى 0.2 من 0.5 مليون برميل يوميا، ما يعكس تحسنا طفيفا في ظروف السوق ولكنه لا يزال يشير إلى مخاطر وفرة العرض، وعليه، تراجعت أسعار النفط الأسبوع الماضي، حيث أغلقت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط يوم الجمعة عند 71.12 و 67.20 دولار للبرميل على التوالي، وكلاهما منخفض قليلا عن إغلاق يوم الخميس، ومع ذلك، أعطت "أوبك بلس" إشارة قوية إلى أنها لا تزال على استعداد لموازنة سوق النفط، وفقا لمورجان ستانلي. وأضاف البنك: "ما زلنا نقدر فائضا في العام المقبل، ولكن أقل من ذي قبل"، وعدل البنك الاستثماري متوسط توقعاته لأسعار خام برنت للربعين الثالث والرابع من هذا العام بالزيادة.
في الوقت نفسه، تستمر التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط في التأثير على معنويات السوق. وقد أثارت الاشتباكات المستمرة وانتهاكات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله مخاوف بشأن الاضطرابات المحتملة في إمدادات النفط. وأضاف سقوط نظام الأسد في سوريا طبقة أخرى من عدم اليقين الجيوسياسي، مع احتمال تزايد المخاطر التي تهدد مراكز الإنتاج في المنطقة، على الرغم من أن هذه التوترات لم تسفر بعد عن اضطرابات كبيرة في الإمدادات، فإن احتمال التصعيد يظل عاملا يراقبه السوق عن كثب. في حين، تسلط الجهود الدبلوماسية الأمريكية للتوسط في الصراع بين إسرائيل وغزة الضوء بشكل أكبر على الديناميكيات المعقدة والمتقلبة في المنطقة.
من ناحية أخرى، وجدت أسعار النفط بعض الدعم خلال الأسبوع الماضي، مدفوعة بالتعافي الاقتصادي في الصين. أعلنت الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، أسرع نمو لنشاط المصانع في 5 أشهر، ما عزز التفاؤل بشأن الطلب على النفط في المستقبل. ينظر المحللون إلى تدابير التحفيز المستهدفة في الصين كمحفز محتمل لاستقرار أسواق النفط العالمية، ووجدت أسعار النفط أيضا بعض الدعم من الانخفاض غير المتوقع في مخزونات النفط الخام الأمريكية للأسبوع المنتهي في 29 نوفمبر، حيث يشير هذا الانخفاض إلى ظروف إمدادات أكثر صرامة. ومع ذلك، لا يزال تشاؤم الطلب يثقل كاهل الأسعار، على الرغم من البيانات الأخيرة لنشاط المصانع الأقوى من المتوقع في الصين.
في ظل المخاوف المستمرة بشأن فائض العرض وإشارات الطلب الضعيفة، من المتوقع أن تحافظ سوق النفط على توقعات هبوطية في الأمد القريب ما لم تؤدي تخفيضات "أوبك بلس" إلى تشدد العرض أو تصاعد المخاطر الجيوسياسية بصورة كبيرة.
نقلا عن الاقفتصادية