دائماً ما يضرب المثل في وارن بافيت ومن يعد شبيهاً له في نهجه الاستثماري طويل الأمد؛ فالأسواق، كما يقال، تحب صديقها. وأغلب قصص النجاح لمن حققوا ثروات من التجارة بالأسهم كانت لمن استثمروا لسنوات طويلة في أوراق مالية درست بعناية وحققت لهم أهدافهم التي بحثوا عنها، بينما تبقى قصص المضاربين الذين نجحوا بتحقيق ثروات بالأسواق ممتعة لعموم المتداولين لأنها تقوم على عنصر الاثارة في محدودية الزمن القصير الذي ربحوا فيه بصفقات حققت مبالغ كبيرة، فهذا الجانب يلعب على وتر عواطف جل المتداولين ممن يستثمرون بمبالغ بسيطة ويحلمون بأن تتحول لملايين في ظرف عام او عامين، وأحيانا يتوقع تحقيق ذلك في شهور، وذلك من مبدأ انه يريد الوصول لطموحاته المالية في الحياة بوقت قياسي.
قبل أيام وصلت شركة انفيديا لتصبح الأعلى قيمة سوقية في العالم؛ حيث وصلت الى 3،3 تريليون دولار؛ أي أكبر من اقتصاد فرنسا او دول أخرى مثل روسيا والبرازيل وكوريا الجنوبية وإيطاليا، وهي من أكبر الشركات لإنتاج الرقائق الالكترونية ومعالجات الرسومات التي تخدم أنظمة ألعاب الفيديو، والأهم هو انتاجها الذي اصبح الأميز والأكثر طلباً في عالم الرقائق التي تخدم الذكاء الاصطناعي، بالإضافة لتصاميم عديدة تعد رائدة فيها بمجال استخدامات الكمبيوترات والأجهزة التقنية عموماً فوفق مراجعة لتطور الشركة من حيث النمو بأرباحها وراس مالها فإن من استثمر 10 الاف دولار عام 1999م واحتفظ حتى تاريخنا الحالي أي لمدة 25 سنة، فإن حجم استثماره بلغ 59،1 مليون دولار فقد قدمت درساً مهماً في الاستثمار طويل الأمد، وسيقول البعض انه من المستحيل ان يبقي احد استثماره في أي شركة لهذه المدة الا ما ندر، وهذا رأي نتفق معه خصوصاً ان الأسواق والاقتصادات وأي قطاع او نشاط عرضة لتقلبات كثيرة بين هبوط وارتفاع ولكن المحصلة النهائية هي النمو لكن حتى لو جزأنا هذه المدة لفترات واحتفظ أي مستثمر بسهم انفيديا لخمسة أعوام على سبيل المثال فسيحقق ثروة كبيرة، وذلك ينطبق على أي استثمار يدرس مستقبله بشكل منهجي صحيح.
العبرة هي ان الاستثمار هو طريق بناء الثروة وتقليل المخاطر، واحلام المضاربين لا يتحقق منها الا القليل فهي مغامرات عالية المخاطر ودائماً تجد الهيئات والجهات المسؤولة عن الأسواق وكذلك المؤسسات المالية تركز على التوعية بالاستثمار المتوسط والطويل الأمد لتعظيم المنافع للمستثمر وللأسواق من حيث استقرارها وانعكاس النمو الاقتصادي فيها، وجذب الأموال لها لتحقيق عدة اهداف تمويلية للشركات واستثمار بعوائد مجزية للمدخرات.
نقلا عن الجزيرة