بعد أشهر من الشكوك، يبدو أن أسواق النفط أدركت أخيرا أن "أوبك+" جادة في استقرار وإبقاء السوق في حالة توازن. وفقا لأحدث البيانات الأسبوعية من رويترز، ارتفعت مشتريات النفط الخام بأسرع معدل منذ عام 2020.بطبيعة الحال، "أوبك+" ليست العامل الوحيد وراء التحول في معنويات السوق. حيث إن تعطل مصافي التكرير في روسيا نتيجة الهجمات الأخيرة كان لها أيضا علاقة كبيرة بالارتفاع المتزايد في أسواق النفط. وهناك أيضا تحسن في توقعات المحللين للاقتصاد العالمي. ويبدو أن الصورة لم تعد قاتمة كما كانت في العام الماضي، لذا فإن توقعات الطلب على النفط آخذة في التحسن. قبل شهر، قام صندوق النقد الدولي بمراجعة توقعاته للاقتصاد العالمي لعام 2024 بالزيادة بنسبة 3.1 %، وكذلك فعلت شركة ستاندرد آند بورز جلوبال، حيث توقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي السنوي لهذا العام بنسبة 2.6 % ارتفاعا من 2.3 % في بداية العام. لذلك يقوم المتداولون مرة أخرى بشراء النفط بكميات كبيرة.
ووفقا لأرقام رويترز، في الأسبوع المنتهي في 19 مارس ارتفعت المشتريات عبر عقود النفط الخام والوقود الستة الأكثر تداولا إلى 140 مليون برميل. وكان النفط الخام هو الأكثر شراء، حيث تم تداول 57 مليون برميل من خام غرب تكساس الوسيط خلال ذلك الأسبوع إلى جانب 55 مليون برميل من خام برنت، وأدى تصاعد التوترات الجيوسياسية إلى إثارة المخاوف بشأن إمدادات النفط العالمية. لكن رغم أن العوامل الجيوسياسية تلعب دورا كبيرا في تقلبات الأسعار اليومية، إلا أن تخفيضات "أوبك+" عادة ما يكون لها تأثير طويل المدى، بمجرد أن تبدأ، وهذه المرة استغرق الأمر بعض الوقت، في يوليو، أعلنت السعودية لأول مرة أنها ستقوم بخفض طوعي في الإنتاج. ورأى البعض أنها غير ذات أهمية، في حين وصفها آخرون باعتبارها محاولة غير مجدية، حيث ظلت الأسعار عالقة ضمن نطاق ضيق أقل من 80 دولارا للبرميل. في وقت لاحق، انضم بقية أعضاء "أوبك+" بقيادة روسيا إلى السعودية، مع ذلك ظلت الأسعار داخل نطاقها. العوامل التي أبقتها هناك هي نفسها التي تغذي الارتفاع الآن: النظرة المتشائمة للاقتصاد العالمي، التوترات الجيوسياسية التي لم تؤثر في إمدادات النفط والشكوك العامة حول الطلب في ظل تحول الطاقة.
ولم تبدأ المعنويات في التحول هذا العام إلا مع تغير توقعات الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع بدء ظهور البيانات الأولى حول 2023. في بعض الأماكن، كانت البيانات سيئة، مثل منطقة اليورو. ولكن في أجزاء أخرى من العالم، مثل الولايات المتحدة، كان أداء الاقتصاد أفضل من المتوقع، الأمر الذي أثار الأمل في أن يكون هذا العام أفضل. وقد أدى ذلك إلى تحويل انتباه السوق من الطلب إلى العرض، كانت هناك تحذيرات بشأن تقلص مخزونات النفط وسط تخفيضات "أوبك +"، لكن تلك التحذيرات لم تحظ باهتمام كبير حتى تغيرت التوقعات الاقتصادية. والآن، هناك قلق مفاجئ بشأن العجز الذي اعترفت به حتى وكالة الطاقة الدولية، بعد شهر من إعلانها بثقة أن سوق النفط يتلقى إمدادات مريحة.
والآن بدأت الأسعار في الارتفاع مرة أخرى، وبالفعل توقع مورجان ستانلي أن يصل سعر خام برنت في وقت لاحق من العام إلى 90 دولارا للبرميل. وقال البنك "في كل شهر يظل فيه انضباط "أوبك+" قائما، من المرجح أن يستمر سعر برنت بالارتفاع". من الآمن أن نقول الآن إن انضباط "أوبك+" سيظل قائما لبعض الوقت.
نقلا عن الاقتصادية