أعلنت شركة معادن اكتشاف احتياطيات ذهب بمقاييس عالمية. اكتشاف حديث يمتد على مسافة تزيد على 100 كيلومتر قرب منجم مستغل من قبل شمال غربي المملكة. وهي ضمن منطقة الدرع العربي الغني بالمعادن. وكل هذا من رزق الله. ونسأله سبحانه أن يوفقنا لشكر نعمه، وتعد هذه النتائج بدايات الاكتشافات المهمة لبرنامج الاستكشاف المكثف في معادن، الذي تم إطلاقه في عام 2022. يهدف البرنامج إلى تطوير قاعدة موارد المملكة العربية السعودية، بما يمكن -بتوفيق الله- إلى تحويل التعدين والصناعات القائمة عليه إلى ركيزة كبيرة للاقتصاد السعودي، وقد شهدت بلادنا تحقيق إنجازات غير مسبوقة على مستوى القطاع الصناعي خلال العام الماضي 2023. وأكد ذلك بندر الخريف وزير الصناعة والثروة المعدنية، خلال تعليقه على أداء قطاع التعدين في السعودية، هذه الإنجازات تدخل فيها الطاقة المتجددة، وتطوير معدني لقيام صناعات متنوعة. ومن أحدث أخبار هذا التنوع ما شهده المؤتمر والمعرض الدولي للتمور المقام في الشهر الماضي، ما شهده من إنشاء مصانع للأطعمة من تمور وغيرها، وبعض المخرجات للتصدير، عبر الأعوام الماضية، ومنذ اكتشاف النفط، بدأت مسيرة التنمية الاقتصادية بالمعنى العصري. لكن الرؤية تسعى إلى تنويع أسس ومصادر هذه التنمية. رزقنا الله -سبحانه- بممكنات كثيرة تتيح للعباد والبلاد الوصول إلى اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام. ممكنات منها الموقع الجغرافي المتميز، والموارد الطبيعية الغنية، وتطوير وتشغيل شركات صناعية طموحة.
إن الموارد الطبيعية من معدنية وغير معدنية أساس من أسس تحقيق النمو الاقتصادي. مجرد توافر الموارد لا يكفي. كيفية الاستغلال أو الاستثمار بعناصره من استخراج وتطوير واستفادة واستخدام عناصر مهمة في تحديد درجة التأثير والانتفاع، وتنمية الاقتصاد الوطني. من طرق الاستغلال استخدام الموارد في تطوير ما أمكن من قطاعات الاقتصاد وصناعاته، لكن تحقيق ما سبق ليس بسهل. هناك تحديات على رأسها الاستنزاف. وتبعا من المهم أن يدار الاستغلال بشكل مستدام قدر الإمكان. كما من المهم مراعاة التأثيرات البيئية وغير البيئية، بما يقلل التأثيرات غير المرغوبة، كيف تستغل الموارد الطبيعية والمعدنية خاصة؟ سؤال كبير. وطبعا هناك خيارات كثيرة، والمحك جودة الاختيار بناء على قواعد ومعايير، ومن المهم مراعاة تقوية الاعتماد على النفس بتقليل الاعتماد على الغير من يد بشرية ومدخلات مستوردة. هذا يتطلب مزيد اهتمام بجودة البناء وتقنياته وتناسبه مع الظروف، من الظروف مستويات مهارات اليد البشرية المحلية، وكيف تتطور. كذلك مستويات المدخلات وأدوات المعالجة محليا. أي أنه مطلوب الاستفادة طويلة المدى من الموارد الطبيعية بأعلى فائدة للاقتصاد الوطني.
ننتقل إلى موضوع أنواع الموارد. فهم النوعيات مطلب لجودة الاستغلال. هناك موارد متجددة بطبيعتها، وهناك موارد غير متجددة، تقف الطاقة الشمسية على رأس الموارد المتجددة. وبحمد الله لدينا طاقة شمسية معروفة، أما الموارد غير المتجددة مثل النفط الموجود في حقل ما، فله عمر وينتهي. وهذا يتطلب مزيد اهتمام بكفاءة وجودة الاستغلال. ويقف على رأس الموارد غير المتجددة الأرض. هي طبعا مورد غير متجدد. ومن ثم فإن جودة الاستغلال مطلب جوهري. ومن حسن الاستغلال مراعاة التأثيرات البيئية. ولذا اهتمت الدول ومنها بلادنا بحسن الاستغلال، خاصة ذات الطبيعة البيئية، للموارد الطبيعية التعدينية خاصة دور كبير في نمو وتصنيع الاقتصاد. وتبعا في تطوير وتنمية الدخل. وهذا موضوع طويل متشعب، لا يتيح المقام هنا الدخول فيه. لكن هذا الدور أمامه تحديات، من التحديات الكبيرة موضوع البيئة. التطوير والاستغلال المعدني والنفطي والموارد الطبيعية بصفة عامة ليس بلا ثمن على البيئة والمياه والتربة. ومن ثم تضع الحكومات ضوابط صارمة لتقليل المضار إلى أعلى ما يمكن. لكن لهذا التقليل -طبعا- ثمنا. والدخول في التفاصيل خارج نطاق المقال.
من التحديات التطورات التقنية عالميا. قد لا تتوافر محليا بالصورة المطلوبة. وهذا يتطلب مزيد اهتمام بجوانب وموضوعات البحث والتطوير التقني والعلمي عامة والتدريب البشري ونحو ذلك، من التحديات الاجتهاد القوي في عدم الاعتماد المبالغ فيه على الموارد من طبيعية وغير طبيعية. وفرة الموارد والنعم بصفة عامة قد يجر إلى الاعتماد المفرط، وهذا ليس بحسن لا شرعا ولا عقلا، يقول سبحانه "وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض"، أما في الجانب العقلي البشري، فقد ظهرت كتابات كثيرة تحت ما يسمى فتنة الموارد. تصدير الموارد الطبيعية من معدنية وغير معدنية يجلب مالا وفيرا بسهولة. وسهولة الحصول على المال تغري بسهولة الإنفاق، بدلا من استغلاله الاستغلال الأمثل. ومع الوقت يصبح الاقتصاد مدمنا إلى حد كبير على المال المتحصل من صادرات الموارد الطبيعية. ودلت الشواهد على أن هذا التركيز في الصادرات ينشأ معه ويرتبط به ضعف إدارة وأداء المؤسسات العامة. ودلت عديد من الدراسات التي استخدمت البيانات المقطعية والسلاسل الزمنية على وجود علاقة بين البنية المؤسسية والنمو الاقتصادي، أساسه وجود ارتباط طردي بين ضعف المؤسسات العامة وتباطؤ النمو الاقتصادي.
قيض الله لهذه البلاد قيادة أدركت ما نحن فيه مما يسمى إدمان النفط وتبعات هذا الإدمان. وطرحت رؤية طموحة لإصلاح وتطوير الاقتصاد. تتكون الرؤية من برامج عديدة، ذات أهمية استراتيجية لتحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030. ومن عناصر الرؤية تسخير الموارد الطبيعية والمعدنية خاصة في التصنيع مع مراعاة تحقيق منفعة مستدامة بأقصى ما يمكن، للزراعة والمياه وغيرهما، والبيئة بصفة عامة. كما اهتمت بموضوع إعادة التدوير. وهذه موضوعات كبيرة.
نقلا عن الاقتصادية