تشير التقديرات إلى أن تكلفة تمكين انتقال الطاقة ستتجاوز 100 تريليون دولار بحلول 2050. في الواقع، التكلفة قد تبلغ 110 تريليونات دولار، وفقا لحسابات لجنة تحولات الطاقة، وهي مجموعة من كبار رجال الأعمال. وهذا من شأنه أن يترجم إلى تمويل يبلغ 3.5 تريليون دولار سنويا ويمثل نحو 1.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي المتوقع لهذه الفترة. كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، هذا الرقم لا يبدو كبيرا أو مخيفا بشكل خاص، مع ذلك، في 2022، بلغ إجمالي التمويل العالمي لانتقال الطاقة 1.1 تريليون دولار ـ أي ما يقرب من ثلث المتوسط السنوي المطلوب. وهذا يسلط الضوء على نقص الاستثمار في مشاريع التحول ومعدلات العائد المرتفعة المطلوبة لأن المستثمرين من القطاع الخاص يعدون مشاريع الاستدامة أكثر خطورة من الاستثمارات البديلة. في حين، تشير تقديرات أخرى إلى أن تكلفة التحول قد تراوح بين خمسة وسبعة تريليونات دولار سنويا، تجدر الإشارة هنا، إلى أن حجما مهما من إنفاق التحول السنوي يذهب إلى تمويل جزء من نمو الطاقة العالمي، وكذلك لتعويض وتحديث المنشآت القديمة. لذلك الرقم بين خمسة وسبعة تريليونات دولار سنويا هو أقرب للواقع لتمكين تحول كامل بحلول 2050. في الواقع، هناك تقديرات عديدة لتكلفة تحول الطاقة، لكن من الآمن أن نقول إننا عندما نتحدث عن التحول، فإننا نتحدث عن التريليونات التي يتعين علينا إنفاقها كل عام. ويبدو أن عديدا من المستثمرين ومعظم المستهلكين العاديين غير راغبين في تحمل العبء.
قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ كوب COP28 لهذا العام، الذي بدأ في دبي في 30 نوفمبر، كان المدافعون عن التحول قلقين بشأن ارتفاع أسعار الفائدة، ما جعل تكلفة رأس المال أكثر، وهذا بدوره قد يهدد بتقليص حماسة التحول بين الممولين المحتملين. والواقع أن شركات طاقة الرياح والطاقة الشمسية ألقت باللوم على أسعار الفائدة المرتفعة بوصفها السبب وراء ارتفاع تكاليفها والمشكلات الاقتصادية المتزايدة، خاصة في مجال طاقة الرياح البحرية. كما تم إلقاء اللوم عليها أيضا في مطالبة الشركات بزيادة الدعم من الحكومات وكذلك رفع أسعار الكهرباء، حيث إن أسعار الفائدة المرتفعة جعلت من الصعب تحقيق الربح من عديد من هذه الخدمات. لقد تمت مناقشة التمويل بإسهاب في "كوب 28"، لكن التعهدات كانت بالمليارات وليست بالتريليونات. في الوقت نفسه، يبدو أن المحركات المختلفة للمرحلة الانتقالية لا تزال تعاني تحديات كبيرة.
في الولايات المتحدة، تخسر شركات صناعة السيارات الأموال على المركبات الكهربائية، لأن الطلب أضعف من المتوقع. في أوروبا، تبدو الصناعة متفائلة، وتتوقع زيادة في مبيعات المركبات الكهربائية بفضل إطلاق عديد من النماذج الجديدة بأسعار معقولة. من ناحية أخرى، أدى الخفض التدريجي لدعم المركبات الكهربائية في ألمانيا بدءا من الأول من يناير إلى تحذيرات من انخفاض مبيعات المركبات الكهربائية. وأصدرت تقارير المستهلك للتو تقريرا وجد أن المركبات الكهربائية أقل موثوقية من سيارات الاحتراق الداخلي، كلاهما يمكن أن يؤثر في توقعات المبيعات، في طاقة الرياح البحرية، تكثر المشكلات. حظيت هذه المشاريع الأكثر تكلفة لتوليد طاقة الرياح بعدة أعوام من الاهتمام الكبير من قبل الحكومات ذات توجهات انتقال الطاقة، خاصة لأن مطوري المشاريع وعدوا بتوفير الكهرباء الرخيصة. لكن الآن، لم يعد هذا هو الحال. وبدلا من ذلك، يقوم مطورو طاقة الرياح البحرية بحجز مليارات الدولارات كتعويض عن الإعاقات، أو إلغاء المشاريع، أو يطالبون بأسعار كهرباء أعلى. ويبدو أن أسعار الفائدة المرتفعة -فضلا عن النقص المتوقع في بعض المواد الأساسية- أثرت في صناعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية بشكل أكبر من تأثيرها في صناعة النفط والغاز. ويشكو المسؤولون التنفيذيون في مجال النفط والغاز أيضا من ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، لكن على الأقل يبدو أنهم تمكنوا من رفع الإنتاج إلى مستويات قياسية على الرغم من ذلك.
وقائمة الأمثلة طويلة على التحديات التي تواجه انتقال الطاقة. خلاصة الأمر، أن التحول أصبح أكثر تكلفة مما يستطيع معظم الناس تحمله. بالنسبة إلى المستثمرين، التطورات المذكورة أعلاه مثيرة للقلق من منظور العائد. بالنسبة إلى المستهلكين، إلى أن تصل السيارات الكهربائية الرخيصة إلى الأسواق، فإن التحول من سيارات محرك الاحتراق الداخلي إلى المحرك الكهربائي ليس حقا شيئا يسعدهم فعله. وعندما ترى أخبارا، مثل تقرير المستهلك، تفيد بأن مشغلي شبكة الكهرباء الألمانية سيحدون من إمدادات الطاقة للمضخات الحرارية وشواحن السيارات الكهربائية، فإن التحول سيبدو أقل جاذبية. وبالحديث عن التقرير نفسه، القيود على العرض ستكون ضرورية لعدم كفاية شبكات التوزيع. يعد الاستثمار في الشبكة الكهربائية عنصرا رئيسا في تكلفة التحول. ويعارض الناس بالفعل إنشاء خطوط نقل جديدة، وهو ما يدل على أنه إلى جانب التكلفة الباهظة، فإن التحول سيكون مشكلة بطرق أخرى أيضا.
في هذا الجانب، قال الاقتصادي الفرنسي جان بيساني فيري، وهو زميل بارز في مركز أبحاث الطاقة بروجيل "وضع سعر -مباشر أو ضمني- على مورد مجاني يطلق للجو (غاز ثاني أكسيد الكربون)، سيؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي التحول، مع عدم وجود ضمان بأن انخفاض تكاليف الطاقة سيعوضها". وأضاف، في تقرير حديث، أنه إذا كان التحول إلى المركبات الكهربائية والمضخات الحرارية لدعم التحول يكلف أكثر من الموارد الهيدروكربونية، وإذا قامت الحكومات برفع الضرائب لتوفير الدعم، فسينتهي الأمر بالمستهلكين النهائيين أسوأ حالا. سيكون من الصعب إثارة الحماس بشأن انتقال الطاقة في مثل هذا السياق.
والأمر الأكثر صعوبة هو إقناع المستثمرين بأنه لن يكون هناك تغيير في سياسات التحول مع قدوم الحكومات ورحيلها. حتى الآن، تشير الأدلة، على الأقل في أوروبا، إلى عكس ذلك. على سبيل المثال، تراجعت الحكومة السويدية الجديدة عن التزاماتها المناخية التي تعهدت بها الحكومة السابقة. وفي أماكن أخرى، تكتسب الأحزاب المحافظة شعبية، خاصة بسبب الخطاب السياسي المناهض لفرض ضرائب. بالفعل، المدافعون عن انتقال الطاقة يواجهون عملا صعبا.
نقلا عن الاقتصادية