شهد الأسبوع الماضي حدثاً مهماً، وهو الإعلان عن الفائز باستضافة إكسبو 2030، حيث حسمت العاصمة الرياض من الجولة الأولى الفوز باستضافته، وهو أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ معارض إكسبو منذ انطلاقته، فالمعرض الدولي المهم جداً انطلق عام 1851م، وكان إقامة أول نسخة منه في لندن، وأساس الفكرة أن تقدم الدول الاختراعات الصناعية وشهد العام 1867 تحولاً مهماً، حيث أصبح من حق كل دولة مشاركة أن تبني جناحها بنفسها، لكن التشريعات التي توضع لتنظيم المعارض كانت تتغير حيث تقوم كل دولة مستضيفة بسن تشريعات تخص النسخة المقامة على أرضها، واستمر ذلك حتى العام 1928 الذي شهد وضع نظام يطبق بكل المعارض دون تغيير وذلك من قبل 31 دولة هي من أسست المكتب الدولي المشرف على المعرض ومقره العاصمة الفرنسية باريس.
هذا التفوق لملف المملكة بأن تفوز باستضافة هذه النسخة في العاصمة الرياض على كوريا الجنوبية وإيطاليا وهي دول متقدمة ويفترض أن خلفها مجموعة كبيرة من الدول بمحيطها الجغرافي ويرتبطون بتحالفات اتحادية وتكتلات ضخمة قد تدعمها عكس عدة أسباب لقوة الملف السعودي الذي كان مبهراً بشهادة الكثير من الدول الأعضاء بمكتب المعارض، ولا يمكن منافسته لا من حيث ما تضمن من استعداد لإنشاء المعرض على مساحة ضخمة نحو 6 ملايين متر مربع وبتكلفة لكامل ما هو مرتبط بالاستضافة نحو 29 مليار ريال ستهيئ كل الظروف المواتية للمشاركين بأن يبنوا أجنحتهم وإضافة لتوفير كل السبل لوصول الزوار من داخل المملكة وخارجها للمعرض وتوفير كل الخدمات التي يحتاجونها حيث سيستمر المعرض ستة أشهر، ويتوقع أن يحقق 40 مليون زيارة، فالرياض مدينة تجمع التراث والتاريخ العريق إضافة إلى أنها مدينة عصرية تعيش في مرحلة من التطور المستمر منذ عقود عدة، فالمملكة بعد إطلاق رؤية 2030 تحولت إلى توجهات اقتصادية ضخمة تقوم على الاستفادة من الإمكانات المتاحة، وأيضًا وضع إستراتيجيات متعددة ترتبط كلها بالرؤية لتتكامل الأعمال، فهناك توجه للتوسع باقتصاد المدن ودوره المهم في رفع الناتج الإجمالي للاقتصاد الوطني، والرياض مهيأة لأن تكون من أهم مدن العالم أي في مصاف أكبر عشر مدن اقتصادياً بالعالم.
فرؤية المملكة التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عزَّزت وطوَّرت دورها العالمي في العلاقات والشراكات التجارية والاستثمارية التي توسعت بشكل كبير، كما أن إعادة تعريف المصالح وبنائها على أساس مفيد للمملكة وشركائها كان له دور بنجاحات عديدة لاستضافة أهم الفعاليات العالمية بمختلف الأنشطة، فالمملكة فازت أيضاً بتنظيم حدث عالمي ضخم وهو بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2034 إضافة لفوز الرياض بتنظيم دورة الألعاب الآسيوية في العام نفسه، فالإمكانات والقدرات الكبيرة هي من أهلت المملكة للفوز بكل هذه الفعاليات بعد أن تطورت التشريعات والأنظمة منذ إطلاق الرؤية، وكذلك إقامة مشاريع عملاقة في مختلف الأنشطة اللوجستية والسياحية والصناعية والخدمية، حيث يتوقع إنفاق 27 تريليون ريال كاستثمارات ودعم لها، أيضاً وفق إستراتيجية الاستثمار منذ إعلانها قبل نحو عامين وذلك حتى العام 2030، أي أن ميزة تنظيم معرض إكسبو أنه سيكون في عام محدد للانتهاء من تنفيذ كل الخطط والمشاريع المعتمدة في رؤية 2030 والتي سينطلق بعدها الاقتصاد الوطني لآفاق جديدة فالفرص الاستثمارية التي توفرها المملكة تعد ضخمة جداً، وسيكون لاستضافة هذا المعرض دور متعدد بالمساهمة بنشر ثقافة المملكة واطلاع العالم على ما وصلت إليه من تقدم عمراني وتكنولوجي وتوسعاتها بالاقتصاد الرقمي، كما أن مدينة الرياض ستشهد نقلة كبيرة ونوعية مع إقامة هذا المعرض والتجهيز له سواء في البنى التحتية أو المعالم الحضارية المميزة وكذلك ستؤسس آلاف الشركات وستتولد عشرات الآلاف من فرص العمل المميزة، فكل المدن التي استضافت هذا المعرض سابقاً استفادت جدًا منه.
شهدت المملكة خلال الشهور الماضية قممًا عديدة، أسست وعززت لشراكات مع مناطق جغرافية عديدة بالعالم منها دول مجموعة آسيان، وكذلك دول الاتحاد الإفريقي وغيرها، إضافة للشراكات الإستراتيجية التي عقدتها خلال السنوات الماضية مع أكبر الاقتصادات العالمية ومع نمو الاقتصاد الوطني وتعدد مصادر الإنتاج والدخل والاستثمارات وإقامة أكبر المؤتمرات الاقتصادية، إضافة للمكانة الدولية الكبيرة التي تمتلكها منذ عقود طويلة. كل ذلك كان له دور كبير باختيار الرياض لاستضافة إكسبو 2030، وكل الفعاليات التي ستقام في المملكة في بحر العشرة الأعوام القادمة لتكون من أهم دول العالم على خارطة القادرين والمميزين باستضافة كبرى الفعاليات العالمية وبدعم من أشقائها وأصدقائها الذين يعرفون قدراتها ومكانتها وتوجهاتها الرائدة لدعم الاقتصاد العالمي بمختلف المجالات ولمواجهة التحديات التي يمر بها.
نقلا عن الجزيرة