اختار مشروع «جود» للإسكان الخيري شعار «سهمك أخضر»، وهو مستوحى من اصطلاحات يطلقها متعاملو سوق الأسهم السعودية على أسهمهم، ففي حال انخفاض السهم يقولون «سهمي أحمر» كناية عن تراجع سعر السهم وخروج اللون الأحمر على الشاشات، وفي المقابل يقول من ربحت أسهمه «سهمي أخضر»، راق لي اختيار هذا الشعار، لأن مشروع «جود» مشروع خيري والمساهمة فيه مساهمة خيرية، فبالتالي سيكون سهمها عند الله أخضر دائماً إن شاء الله، ولقد وُفق مشروع «جود» في اختيار التوقيت وتحديد سعر السهم، فقد أطلق حملة التبرعات في الأول من رمضان، وهو يوم تكون أنفس الصائمين فيه متشوقة لفعل الخير، كما أن تحديد سعر السهم بعشرة ريالات (2.6 دولار أميركي) هو الآخر يجعل الجميع يتبرع، فالقادر قد يتبرع بـ100 مليون ريال (26.6 مليون دولار)، وغير القادر قد يتبرع بعشرة ريالات، وكلهم موفقون، إذ إن كل تبرع وفق ما يملك.
كيف نُعرِّف الإسكان الخيري؟ وهل هو جديد في السعودية؟
الإسكان الخيري هو إسكان للمعدمين، وهو إسكان لا يملكه المعدم وإنما يسكن فيه أي عدد من السنوات لحين زوال حاجته، فإذا زالت حاجته يخرج إلى سكن قد يكون ملكاً له ويحل محله معدم آخر، فهكذا يكون الوقف باستمرار في خدمة من هو في أشد الحاجة.
نعود لسؤالنا: هل الإسكان الخيري جديد في السعودية؟ بالتأكيد هو غير جديد، فحينما كان الملك سلمان أميراً لمنطقة الرياض أنشأ إسكاناً خيرياً حمل اسمه، وهو الأول في السعودية، وقد استفادت منه أسر كثيرة بعد أن كانت تعاني في دفع الإيجار ونفقة المعيشة، فقد تكفل الإسكان بالسكن المجاني وهذا يسهل معيشة الأسر المعدمة.
على أن الفكرة عالمياً ليست جديدة، فالأوروبيون والأميركيون يبنون مآوي للمشردين (Homeless)، كما أنهم يقومون بإسكان الأسر المحتاجة بإيجار رمزي، وتتحمل الحكومة بقية الإيجار لمساعدة الأسر الأوروبية والأميركية الفقيرة والمعدمة. فالحكومات جميعاً تسعى لانتشال مواطنيها من الفقر إلى الطبقة الوسطى، والحكومات الرشيدة تسعى لزيادة شريحة الأسر المتوسطة، لأنها في الغالب هي الأسر المنتجة.
مشروع «جود» السعودي للإسكان الخيري يستهدف جمع مليار ريال لبناء 3500 وحدة، وهذا العدد من الوحدات غير كافٍ، ولكنه لبنة أولى ستكون لها ما بعدها، وأتوقع من اليوم (الأحد)، أن يتدافع التجار والشركات على التبرع، وقد تتجاوز التبرعات المليار ريال.
كما أنني أرجو من رجال الأعمال أن يتكفل أحدهم ببناء 50 وحدة ويسلمها لمشروع «جود»، إذ لا يجب أن يكون الإسكان الخيري في منطقة واحدة أو في مدينة واحدة، أو في حي واحد. إذ إن المعدمين منتشرون في مناطق ومدن وقرى مختلفة في المملكة، وكل رجل أعمال يعرف حاجة منطقته، فأتمنى أن يتنادى رجال الأعمال في المدن الثانوية ويبنوا مشروعاً للإسكان الخيري يكون الإشراف عليه عبر مشروع «جود»، أما لماذا يقوم رجال الأعمال بذلك، فلأنهم الأعلم بحاجات منطقتهم. وقس على ذلك القرى والمدن. وبعض رجال الأعمال قادر على أن يتبنى مثل هذه المشاريع الفردية لوحده، وهي في الأول والأخير ستعود بالمنفعة عليه لوحده، ليبقى سهمه أخضر. ودمتم.
نقلا عن الشرق الأوسط