اتجه كثير من الشركات خلال الأعوام القليلة الماضية نحو أسلوب الاشتراك الدوري بالاستقطاع من بطاقات الائتمان بدلا من السماح للعميل بالشراء مرة واحدة، ويبدو أن الكل يحاول تطبيق هذا الأسلوب بغض النظر عن طبيعة السلعة أو الخدمة المقدمة للعميل، وذلك نتيجة ما يمكن أن تجنيه الشركات من إيرادات كبيرة من هذه الآلية الجديدة، في بعض الحالات هناك فوائد لكلا الطرفين، الشركة والعميل، وفي كثير من الحالات الهدف الرئيس هو أن الشركات تفضل أسلوب الاشتراك لكونه بمنزلة تأجير للخدمة أو السلعة وليس بيعا نهائيا، وبالتالي تستمر الشركات في تحقيق الإيرادات على فترات طويلة وتحتفظ بالعميل لمدة أطول، نظريا، ميزة بقاء العميل لدى المنشأة أن ذلك يسهم في خفض تكلفة استقطاب العميل على المنشأة، وبذلك تستطيع المنشأة توجيه جهودها إلى كسب ثقة العميل وتحسين الخدمة بدلا من اللهث الدائم خلف استقطاب العملاء.
هناك عدة إشكاليات متعلقة بهذا النموذج الذي أخذ في الانتشار بشكل كبير في الأعوام القليلة الماضية، وبدأت شركات كثيرة في المملكة ودول المنطقة تنتهجه كوسيلة تسويق جديدة، بسبب تطور وسائل الدفع الإلكتروني من خلال بطاقات الائتمان أو بطاقات الصراف الآلي أو وغيرها من وسائل دفع إلكترونية، ويعود سبب الانتشار كذلك إلى انتشار الخدمات الإلكترونية وسهولة استئجار المنتجات الرقمية وجاذبية هذا الأسلوب للعميل الذي يتحصل على تحديثات مستمرة للمنتج وحماية أمنية وغيرها، إلى جانب أن الإنترنت كذلك أتاحت لتلك الجهات إمكانية ضبط عملية الوصول إلى المنتج مقابل وجود اشتراك قائم يمكن التحقق من سريانه بسهولة عن طريق الإنترنت، الإشكالية الأولى في نموذج الاشتراك تتعلق بصعوبة إلغاء الاشتراكات، إما لأن الشركة تعد الاشتراك عقدا ملزما مع العميل ولا يمكن إلغاؤه قبل نهاية المدة المقررة، التي في الأغلب تكون لمدة عام على الأقل، وإما بسبب عدم تزويد العميل بوسيلة مناسبة لإيقاف الاشتراك! والإشكالية الثانية هي أن العميل أصبح اليوم لديه مجموعة كبيرة من الاشتراكات عليه متابعتها وإدارتها بشكل جيد، وإلا وجد نفسه يقوم بسداد اشتراكات لسلع وخدمات ربما هو ليس بحاجة حقيقية إليها.
بعض الناس لديهم اشتراكات في خدمات تخزين سحابية أو لبرمجيات معينة كالحماية من فيروسات الحاسب، أو لصحف ومجلات رقمية، أو لخدمات إضافية من شركات الاتصالات، إلى جانب اشتراكات في خدمات تلفزيونية رقمية أو لمشاهدة يوتيوب دون إعلانات، أو لاشتراك في ناد رياضي، أو لخدمة توصيل معينة ... إلخ، ربما هناك فرصة لرواد الأعمال لتطوير تطبيق إلكتروني يعين الشخص على تتبع اشتراكاته وإدارتها من مكان واحد، وبالطبع حتى هذا التطبيق بدوره سيكون باشتراك دوري! لا أعلم إن كان هناك أي تطبيق يقوم بهذا الدور، لكن يبدو أن ذلك يقع من ضمن أعمال وأفكار رواد التقنية المالية "فنتك" الذين يتلقون دعما كبيرا من قبل البنك المركزي وهيئة السوق المالية، قضية صعوبة إلغاء الاشتراك شائعة ومعروفة، وفي بعض الحالات أصبحت وسيلة لتضليل العميل والاحتيال عليه من قبل بعض الجهات التي تستغل فكرة أسلوب الاشتراك في استقطاع تكاليف ورسوم من العميل باستمرار، دون أن تتيح له إمكانية إلغاء الاشتراك.
تشير شركة الأبحاث ويست مانرو أن الأمريكيين يصرفون بالمتوسط نحو 273 دولارا شهريا على خدمات الاشتراك، التي في الأغلب تستمر بوعي من العميل أو دون وعي، أو نتيجة تقاعسه عن إلغاء الاشتراك، هناك اليوم مشكلة كبيرة تواجه الصحف الرقمية وغيرها من مصادر المعلومات والأخبار في أن كل واحدة من هذه الجهات لديها نظام اشتراك خاص بها لا يمكن للمستخدم الدخول إلى الموقع الإلكتروني دونه، لذا قد يضطر المستخدم إلى إجراء عدة اشتراكات في عدة صحف رقمية، بينما من الممكن ـ نظريا ـ أن تكون هناك وسيلة معينة للاشتراك الجماعي بحيث يدفع العميل رسوما شهرية لجهة واحدة ومن خلالها يستطيع الدخول إلى أي من مواقع الجهات المنتسبة إلى تلك الخدمة الجماعية، وهذه ربما فكرة أخرى لرواد الأعمال لتطوير خدمة رقمية لهذا الغرض، التي من خلالها تحصل كل جهة على حصتها من رسوم الاشتراك بحسب الاستخدام الفعلي.
أما مشكلة إلغاء الاشتراكات، فربما للبنوك وغيرها من مؤسسات الدفع الإلكتروني دور في ذلك. من المفترض أن تقوم تلك الجهات ببعث رسالة نصية للعميل لأخذ موافقته على تجديد الاشتراك، بحيث لا يتم استقطاع أي مبلغ من العميل دون موافقته، الحقيقة أن شركتي أبل وجوجل لديهما آلية تتيح للعميل إيقاف الدفع الدوري في أي وقت يشاء طالما أن الاشتراك في الخدمة تم من خلال أي من التطبيقات المتاحة على متاجر أبل وجوجل. وبالمثل، من المفترض أن تقدم البنوك وشركات البطاقات الائتمانية مثل هذه الآلية للعميل. أي أن على البنوك إما بعث رسالة نصية للعميل لأخذ موافقته على الدفع، وإما أن تتيح للعميل إمكانية إيقاف الدفع لأي جهة يشاء من خلال الموقع الإلكتروني للبنك، لا بد من إيجاد حلول مناسبة تعين المستخدم على إدارة ما لديه من اشتراكات دورية، وذلك من خلال تقديم خدمات رقمية مخصصة لهذا الغرض، وكذلك بقيام مؤسسات الدفع الإلكتروني بإتاحة الآلية المناسبة للعميل للسيطرة على ما لديه من مدفوعات متعلقة بالاشتراكات الدورية.
نقلا عن ااقتصادية
احسنت يابوعبدالله ...مقال ممتاز وهناك معاناة فعلا ....لان الاشتراك سهل اما الغائه صعب .... " أما مشكلة إلغاء الاشتراكات، فربما للبنوك وغيرها من مؤسسات الدفع الإلكتروني دور في ذلك. من المفترض أن تقوم تلك الجهات ببعث رسالة نصية للعميل لأخذ موافقته على تجديد الاشتراك " . ....ليتك طالبت الجهات التشريعية بفرض تخيير المشترك بعد انتهاء السنة وجعل الغاء الاشتراك بسهولة الدخول فيه .........تحياتي
نعم صحيح .. البنك المركزي له دور، كذلك نظام التجارة الإلكترونية ممكن فيه جزء ينطبق على هذه الحالة، النظام يتكلم عن حقوق المشري وترجيع السلعة إلخ.