كي نستعد

25/12/2022 1
علي المزيد

في تجارب الآخرين، مع الأخذ بعين الاعتبار الفوارق، فوائد جمة يجب أن نستفيد منها إذا أردنا أن ننجح. تجربة دولة قطر في تنظيم مونديال كأس العالم 2022 كانت مثيرة، كونها أول دولة عربية تنظم المونديال العالمي. وقد واجهت قطر -بحكم صغر المساحة وقلة عدد أفراد الشعب- مشكلة مهمة، وهي قلة المساكن أو الغرف أو أي مأوى من الممكن أن يستضيف عدداً كبيراً من مشجعي كرة القدم.

وكقاعدة اقتصادية، إذا زاد الطلب على العرض في سلعة معينة ارتفعت الأسعار، وهذا ما حدث لقطر؛ إذ ارتفعت أسعار السكن بشكل جنوني، ما قلل من عدد الراغبين في حضور مونديال الدوحة.

ومن المعروف أن أي حدث؛ سواء كان رياضياً أو تجارياً أو غيره، يأتيه عدد غير قليل ومتنوع الشرائح من الفئة القادرة على الدفع أياً كان السعر، أو من الفئة المتوسطة التي تبحث عن الفنادق ذات الأربع نجوم، أو الفئة الأقل دخلاً التي تبحث عن الفنادق ذات النجمتين أو النجمة الواحدة، أو ما يعادلها من السكن أياً كان نوعه: شقة، بيت شباب، أو غيره.

نحن في المملكة العربية السعودية نستعد لاستضافة عدد من الأحداث المهمة خلال السنوات القليلة المقبلة، منها مونديال آسيا 2027، وهو حدث مهم في أكبر قارات العالم؛ خصوصاً بعد أن أبلت المنتخبات الآسيوية بلاءً حسناً في مونديال كأس العالم الأخير في الدوحة. وأعتقد أن على أي دولة ترغب في تنظيم كأس العالم، لا بد من أن تكون قد استضافت بطولة قارية ليمكن الحكم على تجربتها في استضافة مثل هذه الأحداث، مع إشراف من «الفيفا» أو زيارة للدولة صاحبة الطلب، للوقوف على استعداداتها لتنظيم بطولة عالمية.

ومن المؤكد أن السعودية ستنافس على استضافة بطولة عالمية كهذه، وهي مؤهلة لها، من حيث المساحة والملاعب التي تسمح بإقامة مباريات متعددة في مدن مختلفة وفي وقت واحد، ناهيك عن أن الفرق المشاركة ستجد ملاعب تؤدي تمارينها عليها، ومن ضمنها ملاعب الأندية.

باختصار: السعودية مؤهلة لإقامة أحداث من هذا النوع؛ لا سيما أن التعداد السكاني سيعطي المباريات طعماً خاصاً بحكم كثافة الحضور؛ لا سيما أن جمهورنا قد كان محط أنظار العالم في الدوحة، وأُعطي المرتبة الأولى من حيث المتعة والحضور بشهادة الجميع.

ثم إن السعودية بصدد تنظيم «الإكسبو» المقبل، الذي عادة ما يحظى بعدد كثير من الحضور الذين يحتاجون لسكن.

السؤال المطروح: كيف نضمن حضوراً كثيفاً لهذه الفعاليات؟ نضمن هذا الحضور بتوفير سكن مناسب لكافة الشرائح. صحيح أن لا أزمة لدينا في دور الضيافة حالياً، ولكن إذا أردنا تنظيم مثل هذه الفعاليات مع ضمان حضور كثيف، فلا بد من أن نوفر سكناً مناسباً لكل شريحة.

لهذا، من الضروري أن نشجع القطاع الخاص على بناء دور الضيافة بكافة المستويات: الفاخرة، والمتوسطة، والأقل من ذلك، لنضمن حضوراً جماهيرياً يساعد على نجاح هذه الفعاليات أياً كان نوعها: رياضية، أو تجارية، أو غيرها.

وإذا نجحنا في تنظيم هذه الفعاليات باقتدار، فنحن نسوِّق لبلادنا؛ ليس هذا فحسب؛ بل نسوِّق للمنطقة العربية بأسرها.

ولقد أصبحت اليوم القوة الناعمة خير مسوِّق لبلد معين، وأفضل وسيلة للتعريف به، كما أن لتنظيم فعاليات من هذا النوع مردوداً اقتصادياً عالياً عبر منافذ عدة، منها: الطيران، والسكن، ومصروفات الطعام والشراب، والمواصلات، والترفيه، وغيرها، كل ذلك يقود لتحريك اقتصاد البلد المضيف. ودمتم.

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط