كرة القدم بدأت في العالم هواية، ثم تطورت لتصبح نصف احتراف، بمبدأ قام على نظام المكافآت غير المقنَّنة، ثم تحولت إلى احتراف. وفي الأخير تحولت إلى تجارة تجني أرباحاً من دخول المباريات والنقل التلفزيوني ومكافآت الفوز بالبطولة التي تقدمها الاتحادات، وأيضاً دخل الإعلانات بجميع أشكالها؛ من إعلان على قمصان اللاعبين إلى إعلانات الملاعب والإعلانات التي يقدمها اللاعبون لخدمة سلعة معينة، ويكون للنادي نصيب من دخل الإعلان، إضافة إلى حقوق الشعار؛ سواء ببيع قمصان النادي أو استخدام الشعار مسوقاً لسلعة معينة.
ويحضرني في هذا السياق أن الأميركيين، وهم «شطار» في التسويق، حينما اهتموا بكرة القدم، بعد أن كان اهتمامهم منصبّاً على «الفوت بول»، اقترحوا زيادة مدة المباراة من تسعين دقيقة إلى مائة دقيقة مقسَّمة على أربعة أشواط؛ مدة كل شوط 25 دقيقة، بين كل شوط وآخر استراحة، حتى يتسنى للمعلنين أن يعلنوا في ذروة المشاهدة، وبذلك يكون لدينا خمسة أوقات للإعلان؛ قبل المباراة، وبعدها، وبين الأشواط.
يُضاف إلى ذلك أن كرة القدم أصبحت قوة ناعمة تعرّف الآخرين ببلد معين أنجز فيها، ولعلّي أروي لكم حكاية طريفة؛ ففي السادس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي كنتُ في نيويورك، وتحديداً في ساحة «التايم سكوير»، فقابلت رجلاً أسمر يبيع «سيديهات» موسيقى؛ فحاول أن يبيعني واحدة منها، وأثناء الحوار معه لاحظ أنني غريب عن المدينة، وسألني: «من أين أنت؟». أجبتُ: «من السعودية»، على الفور سألني: «أين ميسي؟»، ضحكتُ وقلتُ له: «لقد كان غائباً!». أمَّن على قولي، وقال: «صدقت».
هؤلاء البسطاء لم يكن ليعرفونا في هذه القارة المنعزلة لو لم يفز المنتخب السعودي على المنتخب الأرجنتيني في قطر.
في هذا السياق، كنتُ قد اقترحتُ في مقالي، الأحد قبل الماضي، تقليص عدد اللاعبين الأجانب في الأندية السعودية، في «دوري روشن»، من ثمانية لاعبين إلى خمسة لاعبين، وكثر المستفسرون عن وضع الثلاثة لاعبين المرتبطين بعقود مع النادي، ويتضمن العقد شرطاً جزائياً على الطرف الذي يفسخ العقد.
لا سيما أن العقود مسجَّلة بشكل رسمي. الإجابة القانونية ببساطة تقول إن الحالات التي قبل التشريع إذا كانت قانونية لا تُمَس، بمعنى: تبقى عقود اللاعبين كما هي، وفي حالة انتهاء عقد اللاعب لا يُجلَب لاعب مكانه، وكذلك في حالة الاستغناء من الطرفين.
وفي حالة رغب النادي في جلب لاعب معين يرى أنه يحتاج إليه يستغني عن أربعة ليجلب الخامس. أنا لخصتُ الفكرة، وإن كانت تشعباتها كثيرة.
نعود لتجارة كرة القدم التي أصبحت أمراً واقعاً، مما يجب معه النظر لفرقنا العربية على أنها تستحق الاحتراف، ومن ثم التخصيص والسماح للمستثمر الأجنبي بدخول المزايدة على أسهم الأندية العربية، لتتطور الكرة العربية أكثر وأكثر، لا سيما بعد وصول المغرب للأدوار النهائية في كأس العالم المقامة في قطر. ودمتم.
نقلا عن الشرق الأوسط