لوسيد عربية

24/05/2022 6
علي المزيد

منذ زمن بعيد ومنذ استفاق وعيي على القراءة والكُتاب العرب باختلاف مشاربهم ينادون بتوطين الصناعة رغم أنهم ليسوا كتاباً اقتصاديين، بل كانوا كتاباً سياسيين ينظرون لأمر توطين الصناعة من باب سيادية القرار السياسي واستقلاليته، ورغبة منهم في أن نستقل اقتصادياً لأن الاستقلال الاقتصادي يتبعه استقلال سياسي يمكن من هزيمة عدو الأمة.

ورغم تلك المناداة المُلِحة من كتابنا العرب فإننا لم نر توطين صناعة حقيقيا، وكل ما نراه تصاريح من هنا وهناك ولا شيء على أرض الواقع، ولعل هذه التصاريح كانت تهدف لذر الرماد في عيون الشعوب العربية لتغفل عن أخطاء حكامها.

ولعل أبرز مثال على فشل صناعاتنا العربية ما صدعت رؤوسنا به الصحافة العربية زمن الرئيس عبد الناصر بصناعة صاروخي الظافر والقاهر وقد توفي عبد الناصر ولم نر ظافراً ولا قاهراً.

هذا هو حجم الفشل في صناعاتنا العربية وقد اخترت أهم صناعة، وهي صناعة الأسلحة التي كان العرب يعولون عليها كثيراً ومدعومة من القيادات السياسية العربية ويصرف عليها من قوت الشعوب، ومع ذلك فشلت رغم الدعم السياسي والمالي، لهذا لك أن تتخيل حجم الفشل في الصناعات المدنية، ولقد سبقتنا الشعوب في تطوير صناعاتها، فهذه هي تركيا تصنع أو تجمع السيارات وتجعل بيرقدار تحلق في السماء، وانظر في الجانب الشرقي لتطور الصناعة الكورية وأنت تعرف أيها القارئ الكريم حجم الفرق بيننا وبينهم.

اليوم بدأ عصر جديد في الصناعة العربية يعتمد على العمل لا التصاريح الصحفية التي تطوى مثل طي الصحيفة آخر النهار.

اليوم أعلنت السعودية أنها بالشراكة مع شركة لوسيد الأميركية ستقيم مصنعاً لإنتاج السيارات الكهربائية في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ويتوقع أن يقترب الإنتاج من 300 ألف سيارة سنوياً.

لا يهم كم ينتج المصنع، لكن المهم أنه أصبح لدينا مصنع عربي ينتج السيارات التي نركبها بدلاً من الاستيراد.

هذا سيوطن صناعة السيارات، ثم إنه سيخلق أرضاً خصبة لصناعات أخرى مثل صناعة بطاريات السيارات وإعادة تأهيلها، إلى جانب كثير من الصناعات مثل صناعة الإطارات وصناعة الإكسسوارات الأخرى الخاصة بالسيارة، وهذا يوطن صناعات أخرى ويخلق حافزاً لشركات أخرى لأن توطن صناعاتها عربياً لنخلق فرص عمل لعاطلينا ونطور قدرتنا الصناعية العربية ونخلق تنوعاً لاقتصادنا. ودمتم.

 

 

 

نقلا عن الشرق الأوسط