إلى متى خفض ورفع؟

08/04/2022 1
عبدالله الجعيثن

خفض رأس المال ثم رفعه صار ظاهرة! أصبح لعبة تحلو في عيون بعض الإدارات الفاشلة أو الفاسدة! يعيثون في أموال المساهمين كما يعيث ولي السوء في أموال اليتامى! فإذا أحرقوا نصف رأس المال أو أكثر مدوا أيديهم الجشعة للمساهمين الصابرين يريدون المزيد من النقود! ثم لا يكاد المساهمون يجمعون لهم الأموال بشق الأنفس ويقدمونها لهم حتى يحرقوها من جديد! ويخفضون رأس المال مرة أخرى ويطالبون بمال جديد! وربما تكرر هذا العبث مرات بلا حياء ولا خوف ولا ضمير! وكأن دور المساهمين مجرد تزويد هؤلاء الفاشلين بالمزيد من المال! مئات الملايين! ويتم إتلافها كأسلافها ولا من شاف ولا من درى! البركة في جيوب المساهمين! بدل أن تصرف لهم الأرباح القليلة يصرفون هم من مدخراتهم ملايين ليعبث بها بعض الفاشلين أو الفاسدين! وفوق ذلك يستلم هؤلاء الفاشلون مكافآت على "حرق أموال المساهمين"! حوافز على سوء إدارتهم! ومكافآت على تبديدهم أموال الشركة! ويصبح دور ومهام تلك الإدارات الفاشلة (تحطيم حقوق المساهمين) الذين ينتظرون تعظيم حقوقهم كما هي مهمة إدارات الشركات! وهكذا يصبح الطالب مطلوبًا والمستثمر مغلوبًا واستدامة الشركة مرهونة بضخ المزيد من الأموال التي يدفعها المساهمون مرغمين لأن بعض الإدارات الفاشلة وربما الفاسدة تضع المساهمين أمام خيارين أحلاهما مُر: إما إعلان إفلاس الشركة أو ضخوا فيها ملايين وأنتم صاغرون! ورغم ركون المساهمين لخيار الضخ من جيوبهم فإنهم قد لا يسلمون! يخسرون ما ضخوا مرة أخرى وتفجعهم الإدارة بإتلاف ما دفعوا وتفجؤهم بطلب المزيد! وهذا تكرر في أكثر من شركة! قد نتفهم تخفيض رأس المال مرة واحدة لظروف خارجة عن قدرة الإدارة لكن كثيراً من تلك الشركات تخفض رأس مالها عدة مرات بدون ظروف قاهرة بل بسبب سوء الإدارة بدليل أن مثيلاتها تربح وهي تواصل تراكم الخسائر وتخفض رأس المال أكثر من مرة، وبعضها قد تكرر ذلك أربع مرات! في مسرح كوميديا سوداء! وأبطالها لا يخجلون من سوء ما يفعلون.. وبعضهم من السفهاء الذين نهى الله عز وجل عن إعطائهم الأموال التي جعلها الله قوامًا كالعمود الفقري للإنسان.. بعض السفهاء يكسر العمود الفقري للشركة ومساهميها.. ويبدد أموالها ويجعل عاليها سافلها.

إن استدامة الشركة المساهمة يعتمد على حسن الإدارة ونزاهتها فكل الشركات قامت على دراسات جدوى تُثبت أنها ناجحة وقادرة على تحقيق الاستدامة لكن مع كفاءة الإدارة وأمانتها، وهي تحقق الاستدامة بنجاح إدارتها في تحقيق أهدافها وتنمية مواردها وتقوية مراكزها من أعمالها وحسن إدارة رأس مالها لا من خلال حرق رأس المال والمطالبة برأس مال جديد! خاصة حين يتكرر الأمر فهو عبث واضح.

ولا تعتبر هذه استدامة بل هي غالبًا استدراج لحرق المزيد من المال في خسائر موجعة للمساهمين وللاقتصاد الوطني ولسمعة السوق.

لا يصح مكافأة الإدارات الفاشلة أو الفاسدة بالمزيد من تقديم الملايين لهم على طبق من ذهب بل لابد من التحقيق والمساءلة وتدخل حماية المستثمرين أو نزاهة لمعرفة أين ذهبت الأموال وكيف ذهبت ومن هو المتسبب في ذلك الخراب الظاهر ومعاقبته ليكون عبرة لغيره فإن من أمِن العقوبة أساء الأدب.

نقلا عن الرياض