تعهد الأمير تركي بن طلال، أمير منطقة عسير، بدعم المستثمرين ومعالجة تحديات الاستثمار في المنطقة، وشدد على أن «من يريد الاستثمار في عسير فعليه الاتصال به شخصيًّا، وسوف يقوم بربطه بالجهة المختصة في هيئة تطوير عسير لتذليل أي صعوبات». التزام مهم يعكس حرص سموه على معالجة التحديات، وضمان تدفق الاستثمارات لتحقيق التنمية الاقتصادية، والأهداف الإستراتيجية. فالإمارة، ممثلة بمجلس المنطقة، وهيئة التطوير، والأمانة يشكلون المنظومة التنموية الشاملة، وهم شركاء للمستثمرين الذين يعول عليهم تعزيز التنمية وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
فبالرغم من أهمية التدفقات الاستثمارية، وكونها محرك التنمية في رؤية 2030 إلا أن بعض الجهات الحكومية ما زالت بعيدة عن تطبيق فلسفتها ومتطلباتها الرئيسة، والإيمان بضرورتها للتنمية الاقتصادية الشاملة. لم يعد الفكر التقليدي مقبولاً في زمن الرؤية، فالإبداع والابتكار والتحفيز من أساسيات التحول، ومتطلبات البناء الحديث، وهو ما يؤمن به، ويمارسه بكفاءة، سمو أمير منطقة عسير.
تعدد الجهات المسؤولة عن المشروع الاستثماري الواحد من الأسباب الطاردة للاستثمار، إضافة إلى بيروقراطية العمل التي تحتاج إلى معالجة سريعة ومتوافقة مع متطلبات التحول الوطني.
وللأمانة فإن تحديات الاستثمار ليس مقتصرة على منطقة عسير فحسب، بل يمكن ملاحظتها في غالبية مناطق المملكة، وإن كانت بنسب متفاوته، واستثني من ذلك المشروعات الكبرى التي تقر وفق إجراءات تنظيمية عليا، ما يجعلها في مأمن من التحديات والبيروقراطية التنظيمية.
أعتقد أن من أهم التحديات التي يواجهها المستثمرون، تعدد الجهات التنظيمية المسؤولة عن المشروع الواحد، ومهما قيل عن توحيد الإجراءات ومركزيتها، إلا أن واقع الاستثمار يؤكد استمرار معاناة المستثمرين في هذا الجانب. كما أن وجود هيئة التطوير والأمانة، بصلاحياتها الحالية، وتداخلاتها، قد يخلق بعض التحديات المؤثرة. فالأمانة تمتلك الأراضي والمواقع الاستثمارية ومرجعية إصدار التراخيص وغيرها، ما قد يحد من قدرات هيئة التطوير على تنفيذ الأهداف التي أنشئت من أجلها، ما يتطلب ترتيب العلاقة النظامية بين الأمانة وهيئة التطوير، وفق نموذج إداري تنموي لا يسمح بالتصادم، أو اتخاذ القرارات الأحادية أو تعطيلها، و يحقق في الوقت عينه، الشراكة والتكامل الأمثل المعزز للتنمية الاقتصادية وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية.
تحديات التنمية والاستثمار في حاجة ماسة لمراجعة التنظيم الإداري الحالي وبما يسهم في الحد من تداخل المرجعيات التنظيمية، ويوحد مركز اتخاذ القرار، ويسهم في معالجة تحديات المستثمرين، والتنمية الاقتصادية بشكل عام.
تعزيز إدارة الحكم المحلي وجعلها مرجعية القرارات التنموية لجميع القطاعات الخدمية في المنطقة، وإنشاء مركز الخدمات الحكومية الشامل القادر على التعامل مع المستثمرين، وإنجاز معاملاتهم دون الحاجة لمراجعة الإدارات الحكومية المختلفة من أدوات المعالجة المستدامة.
الاستقلالية التنموية ستقود إلى تحمُّل إدارات المناطق المحلية مسؤولياتهم التنموية وستسهم في خلق بيئة تنافسية بين المناطق المختلفة، وسترفع من معدلات الرقابة، وكفاءة العمل وجودة المخرجات. يمكن للإدارة المحلية أن تعزز الاستثمارات من خلال الحوافز والإجراءات الكفؤة، ويمكنها أيضًا أن تقضي على الهدر المالي، وتعارض المشروعات الخدمية التابعة لوزارات مختلفة، وأن ترسخ فلسفة المشروع التنموي المتكامل ذا المرجعية والميزانية الواحدة، بدلاً من تجزئته على الوزارات المعنية. كما أنها ستفرض، في الوقت عينه، على مسؤولي الإدارات الحكومية ثقافة عمل جديدة، وستحملهم مسؤولية التنمية، وستجعلهم ضمن هيكل المنطقة الإداري، لا هيكل الوزارة وبما يحقق كفاءة العمل وجودة المخرجات وتعزيز الرقابة المحلية.
إحداث التطوير الإداري، في نظام المناطق للوصول إلى تعزيز الإدارة المحلية وتحميلها مسؤولية التنمية، وإعطائها الصلاحيات والميزانيات، وأدوات النجاح، سيعزز من كفاءة العمل الحكومي، والإدارة الرشيدة، وسيسهم بشكل مباشر في تنفيذ أهداف الرؤية الوطنية.
نقلا عن الجزيرة