قمة الرياض ووحدة الصف الخليجي

23/12/2021 0
طلعت بن زكي حافظ

أكد البيان الختامي الصادر عن قمة الرياض الخليجية الـ42 التي عقدت بالعاصمة السعودية الرياض والمكون من 72 بندا، على حرص دول المجلس على التماسك ووحدة الصف بين أعضائه، والرغبة في تحقيق المزيد من التنسيق والتكامل والترابط في جميع الميادين والأنشطة الحياتية.

هذا التماسك ووحدة الصف سيحقق لدول المجلس تطلعات قادته ومواطنيه وسيعزز من تضامن واستقرار علاقات الدول الست (المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت، وسلطنة عُمان، ومملكة البحرين، ودولة قطر) وسيحافظ في ذات الوقت على مصالحها، ويُجنّبها الصراعات الإقليمية والدولية، وليس ذلك فحسب، حيث إن هذا التماسك سيعزز من دورها الإقليمي والدولي اقتصادياً وسياسياً.

لعله من المهم جداً الإشارة إلى أن دول المجلس تمتلك العديد من المقومات الاقتصادية التي تؤهلها لأن تكون مجتمعة قوة وتكتلا دوليا جديدا، وخاصة أن تقارير إحصائية تشير إلى أن الاقتصاد الخليجي يحتل المرتبة الـ13 عالميا، بحجم ناتج محلي إجمالي بالأسعار الجارية يتجاوز 1.64 تريليون دولار أمريكي، ويمثل 4.1 % من الاقتصاد العالمي، هذا بالإضافة إلى أن دول المجلس تتربع على احتياطيات أجنبية ضخمة تتجاوز قيمتها 620 مليار دولار أمريكي، وتنتج ما يزيد على 17 مليون برميل نفط يومياً، ما يمثل حوالي 22.8 % من الإنتاج العالمي، كما وقد تمكنت من جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 497.2 مليار دولار خلال العام 2019، ممثلة لـ 1.4 % من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد في العالم.

ومن المتوقع وفق الاتفاقية الاقتصادية التي أقرها المجلس الأعلى الخليجي في 1981 أن تعزز من الترابط الاقتصادي لدول المجلس وصولاً للوحدة الاقتصادية المنشودة التي بدأت خطواتها الطموحة بإنشاء منطقة تجارية حرة، ومن ثم اعتماد وثيقة السوق الخليجية المشتركة في عام 2008 وتفعيل الجدار الجمركي الموحد في شهر يناير من العام 2003.

هذه الخطوات عززت من حجم التجارة البينية بين دول المجلس، حيث قد كشفت دراسة عن ارتفاع كبير جداً في حجم التجارة البينية في دول المجلس بعد قيام الاتحـاد الجمركي، حيث قد نما حجم التبادل التجاري البيني بين دول المجلس بمعدل سنوي بلغ 24 % خلال الفترة من 2003 - 2013 في حين كانت تنمو بمعدل سنوي قدره 6 % خلال الفترة 1993 - 2002.

دون أدنى شك إن إحراز المزيد من التقدم في تنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - يحفظه الله - التي أقرها المجلس الأعلى لدول المجلس في دورته الـسادسة والثلاثين في شهر ديسمبر من العام 2015، وسيعزز من العمل الخليجي المشترك ويحقق أعلى درجات التكامل بما يكفل تضامن وتماسك دول المجلس وتعزيز دورها وتواجدها الإقليمي والدولي معاً.

وقد كان للجولة التي قام بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - إلى دول المجلس خلال شهر ديسمبر الجاري، نتائج إيجابية لتعزيز التعاون والترابط والتنسيق بين دول المجلس وتحقيق تطلعات مواطنيها، وباستكمال ما تبقى من خطوات قيام الاتحاد الجمركي، والتنفيذ الكامل لمسارات السوق الخليجية المشتركة، وصولاً الى الوحدة الاقشتصادية بين دول المجلس والعملة الخليجية الموحدة والانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، سيحافظ المجلس على إنجازاته ومكتسباته. كما أن العمل الخليجي المشترك سيدعم التعاون في كافة المجالات لصالح الدول ومواطنيها على حدٍ سواء. هذا بدوره يتطلب اتخاذ خطوات أكثر عملية وجدية باتجاه الاتحاد مقارنة بأي وقتٍ مضى، وتحييد الاختلافات السياسية في وجهات النظر ليشمل ذلك العلاقات بدول الجوار، وبالذات في ظل الإرادة السياسة الموحدة للقادة التي تَهدف إلى الارتقاء بأداء دول المجلس وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية فيما بينها لما هو في صالحها وفي صالح تكتلها ووحدتها الاقتصادية المنشودة.

أخيرا وليس آخرا، أتطلع لأن يتبنى مجلس التعاون تطبيق رؤية اقتصادية موحدة تحاكي الرؤى الاقتصادية المختلفة لدول المجلس، كرؤية المملكة العربية السعودية 2030 ورؤية سلطنة عمان 2040 وبقية رؤى دول المجلس، كون جميع الرؤى تتقاطع مع بعضها البعض وتجمعها قواسم مشتركة عديدة، من أهمها وأبرزها تنويع منظومة الاقتصاد وقاعدة الإيرادات لدول المجلس بعيدا عن النفط.

إن تبني المجلس لرؤية تجمع بين رؤى دوله الست، سيساعد على تعظيم الفوائد والمنافع الاقتصادية لدول المجلس، وسيتيح فرصة سانحة لتبادل الخبرات والمزج بين الأفكار، مما سيمكن من تحقيق مستهدفات تلك الرؤى وفقا لطموحاتها وتطلعات شعوبها.

 

 

نقلا عن الرياض