فائض الميزانية يعزز تعافي اقتصادنا

09/11/2021 1
طلعت بن زكي حافظ

النتائج المالية الإيجابية المتحققة بميزانية الدولة للربع الثالث من هذا العام، وبالذات الفائض المالي المتحقق والبالغ 6.7 مليارات ريال، تؤكد على استمرار رحلة التعافي الاقتصادي للمملكة من وعكة جائحة فيروس كورونا المستجد، والتي بدأت تتضح رؤيتها جلياً في نتائج الربع الثاني من هذا العام، حيث قد سجل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الحقيقية نمواً بلغ 1.8 % بعد تراجع بلغ 3.3 % على أساس سنوي بالربع السابق من نفس العام.

هذا الفائض المالي المتحقق بالربع الثالث من العام الجاري، سببه ليس فقط التحسن الملحوظ الذي طرأ على جانب الإيرادات التي بلغت 243.4 مليار ريال بسبب التحسن الذي طرأ على أسعار النفط العالمية التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال نفس الربع بتسجيلها لنحو 74 دولاراً للبرميل لترتفع بنسبة 7 %، على أساس ربعي، وبنسبة 71% عن مستواها في نفس الفترة من العام الماضي، وإنما يُعزى سببه أيضاً إلى استمرار جهود الدولة الرامية لضبط وتيرة الإنفاق العام بما يخدم الاحتياجات الأساسية للمواطنين من تعليم وصحة وخدمات أساسية وخلافه وكذلك توجيه الإنفاق العام التوجيه التنموي السليم والصحيح.

إن استمرار الحكومة في نهجها الإصلاحي للمالية العامة للدولة بعيداً عن تأثير تقلبات أسعار النفط العالمية سيحقق للمالية العامة للدولة الاستدامة على المدى المتوسط ولربما أيضاً على المدى الأبعد من ذلك، بصرف النظر عن التقلبات العالمية التي تشهدها سواء الأسعار أم كميات الطلب على النفط. ولعل ما يؤكد على ذلك نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة في الربع الثاني من العام الجاري كما أشرت بنسبة 1.8% على أساس سنوي، رغم تراجع نمو القطاع النفطي بنسبة 6.9 %، حيث قد ساهم في ذلك النمو، نمو القطاع غير النفطي بنسبة 8.4 %، ونمو القطاع الخاص بنسبة 11.1 %. 

باعتقادي أن استمرار الحكومة في نهجها الإصلاحي للمالية العامة للدولة وكذلك في تنويع قاعدة الاقتصاد، بالإضافة إلى استمرار وتيرة التعافي الاقتصادي، سيسهم في تحقيق التوازن المالي المنشود بحلول عام 2023 وتحقيق فوائض مالية، وأيضاً في تعزيز القدرة المالية للمملكة لسداد الدين العام بشكل تدريجي ولربما بإذن الله إلى عدم الحاجة للمزيد من الاستدانة في المستقبل، سيما في ظل استمرار الجهود الحكومية الرامية إلى إعادة هيكلة الوضع المالي للمملكة واستحداث آليات مختلفة لمراجعة الإيرادات والنفقات وآلية اعتماد المشاريع الحكومية والرقابة اللصيقة على الصرف.

كما أن عودة الحياة إلى طبيعتها وإظهار الاقتصاد السعودي لبوادر التعافي السريعة جداً، رغم التباين بين الدول النامية والمتقدمة بسبب احتمالية انتشار المزيد من السلالات الجديدة المتحورة من (كوفيد-19)، يُعول عليهما أن يساهما بفاعلية في تسجيل الاقتصاد الوطني لمعدلات نمو إيجابية خلال الربع الرابع من العام الحالي، وكذلك في نهاية العام.

هذا التحسن المالي من المتوقع له أن يسهم كذلك في تخفيض ملحوظ في قيمة العجز المقدر لهذا العام بالميزانية والبالغ 140.9 مليار ريال، ولربما في تحقيق فائض مالي قبل حلول عام 2023 وفقاً لما هو متوقع، وبالذات في حال استمرار تحسن أسعار النفط العالمية والاستمرار في ضبط وتيرة الاتفاق العام.

باعتقادي سيكون لتنويع مصادر الدخل، بالذات المتأتي من القطاعات والأنشطة الاقتصادية غير النفطية، كقطاع السياحة ونشاط الترفيه، مردود ملحوظ ومتميز على التحسين من حجم ومستوى الإيرادات غير النفطية، سيما في ظل ما كشف عنه رئيس الهيئة العامة للترفيه تركي آل الشيخ، وصول العائدات من موسم الرياض بعد 10 أيام من انطلاقته إلى 550 مليون ريال.

أخيراً وليس آخراً، إن التعافي الاقتصادي المتسارع للمملكة من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، والتحسن الملحوظ في مؤشراتها المالية، سيسهم في تحقيقها لتقييمات ائتمانية مرتفعة للغاية خلال الفترة القادمة، وبالذات التي تمنحها وكالات التصنيف الائتماني العالمية، مثل وكالة "فيتش" التي قد أشادت مؤخراً بالوضع المالي الجيد للمملكة مستندة في ذلك إلى البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي 2022، مما سيعزز من مكانة المملكة الائتمانية على مستوى العالم، ومن قدرتها المالية في التعامل مع التحديات الاقتصادية المحلية والدولية التي قد تظهر على السطح من وقتٍ لآخر على حدٍ سواء.

 

نقلا عن الرياض