للتستر أبعاد أمنية واقتصادية ومالية ومجتمعية، غير أن بعده الأمني قد يكون الأخطر إذا ما جُمِعَ فيه بين التستر التقليدي المرتبط بالأنشطة المالية وهدف الكسب المالي، وبين التستر الاستخباراتي الذي يستغل القطاعات التجارية والاستثمارية كمنصة لتحقيق أهداف تخريبية على المدى البعيد، أو كمصدر لتمويل منظمات إرهابية خارجية، فتتحول تلك الأنشطة التجارية إلى مصدر من مصادر التمويل القذر لجماعات إرهابية وأجهزة استخباراتية معادية، وشوكة في خاصرة الوطن.
وبالرغم من مخاطر التستر، بأنواعه، إلا أن التستر المتحصن بالمتطلبات النظامية هو أكثرها خطورة على أمن واستقرار الوطن، وأعني به الأنشطة التجارية والثقافية والفنية والاستشارية التي يتم تقديمها من خلال كيانات محلية أو أجنبية مرخصة، في ظاهرها الخدمة والإبداع والنصيحة، وفي باطنها الأذى والتجنيد.
كم من الأنشطة التجارية المرخصة، التي لم يبدُ عليها علامات التستر، تم كشفها من قبل الجهات الأمنية وصنفت على أنها منصات تجارية هدفها استثمار أصول تابعة لتنظيمات خارجية معادية، أو منصات لغسل أموال يصل حجمها إلى عشرات المليارات من الريالات، أو كيانات لتجنيد العملاء.
كما أن بعض الشركات الاستشارية لا تخلو أيضاً من عملاء لأجهزة استخبارية هدفهم تقديم النصيحة المدمرة، أو جمع المعلومات المالية والاقتصادية من خلال دراساتهم المتخصصة.
هناك تستر منظم ونظامي لا يخلو من البعد الاستخباراتي الأمني، قد لا تظهر مخاطره اليوم، وهو التستر الذي يستهدف المجتمع من خلال مؤسسات ربحية وغير ربحية مرخصة بهدف الإساءة والتجنيد وتشكيل الخلايا المستترة. ومنها الشركات والمنشآت التي تستهدف القطاع الثقافي والفني بتفرعاته، والسعي لتشكيل منصات ينطلق منها العملاء الغربيين نحو أهدافهم التخريبية. باتت الأعمال التركيبية، والدرامية، والوثائقية من الفنون المزدهرة عالمياً، والتي تحظى بميزانيات ضخمة، لتأثيرها العالمي على المتلقين، وهذا ما دفع منظمات صهيونية للسيطرة على القطاع عالمياً، والتغلغل من خلاله في الدول المستهدفة ومن ثم تشويه صورتها في الخارج. ومن المؤلم أن يتم التلاعب في هذا القطاع لقلة المختصين الوطنيين، ولضعف الثقافة الفنية العربية، ومحدودية الوعي لدى مجموعة من المنخرطين في هذا القطاع، حتى بات البعض يسهم في مشروعات فنية موجهة ضد وطنه دون وعي، أو ربما لأهداف كامنة.
وما يهم في هذا القطاع، هو إمكانية تغلغل شركات عالمية بمرجعية معادية، للأسواق الخليجية، والسوق المحلية من بينها، وتشكيل منصات للفنون وإنتاج أعمال عالمية يتم تسويقها وإشهار منفذيها لأهداف محددة، مستغلين رغبة الدول الخليجية في تعزيز القطاع الثقافي والفني، والإنفاق الضخم الذي يوجه له. أو إنتاج أفلام ومسلسلات درامية هدفها تفكيك المجتمع وتشويه صورته عالمياً، وتقويض الأمن والتشكيك في أمور العقيدة الإسلامية.
تشكيل طابور خامس في الدول الخليجية هو الهدف الأسمى لدى الأجهزة الاستخباراتية الغربية، وهو أمر يمكن تحقيقه من خلال تلك الشركات «مستترة الهدف»، في جميع القطاعات الاقتصادية والثقافية والفنية وفق رؤية استخباراتية محكمة. ومن المؤلم أن يجد المخربون صدى لدى الناقمين على مجتمعهم أو قليلي الخبرة، أو ربما الباحثين عن المال والشهرة، ما يستوجب العمل على تحصين السوق الخليجية عموماً والمحلية على وجه الخصوص من تلك الشركات المستترة، وإن كانت نظامية، وتطهيرها من خلاياها السرطانية قبل الاستفحال.
نقلا عن الجزيرة
أسرع حل لمشكلة التستر التجارى هو فى السماح للوافد بممارسة تجارته مقابل فرض ضريبة عليه ويعفى من هذه الضريبة المواطن الجاد الذى يمارس نشاطه التجارى بنفسه دعما وتشجيعا له. إنتهى !