تطور العمل المصرفي الإسلامي بشكل ملموس خلال السنوات الماضية، حيث أضحت خطواته ثابتة لتحقق معها أهداف الوساطة المالية الخالية من المعاملات الربوية، حيث تم إنشاء العديد من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في مختلف انحاء العالم، ومن الملاحظ تهافت البنوك التقليدية في منافسة الاتجاه الجديد باستخدام نوافذ وأدوات الصيرفة الإسلامية في التمويل، وبذلك بدأت الصيرفة الإسلامية تفرض نفسها على الأسواق المصرفية المحلية والعالمية.
إن وضوح الرسالة والقيمة الاجتماعية والإنسانية في العمل المصرفي الإسلامي والجانب الأخلاقي والديني، والتأكيد على هذه المبادئ لجميع أطراف المعاملات من مقدم خدمة وصولا الى المستفيد قد تكون الخطوة الأولى نحو الإدارة الناجحة للمخاطر، وهذا يؤدي إلى تنمية وعي الرأس مال البشري بالأهداف العامة للبنوك الإسلامية وما يرتبط بها من أبعاد دينية وأخلاقية واجتماعية وإنسانية، وإن ارتباط الرأس مال البشري بهذه الأهداف سيزيد من هامش الولاء تجاه المصرف.
علاوة على ذلك، فإن نشر هذه القيم بين الجمهور وعملاء المصرف سيساعد في القضاء على جزء كبير من المخاطر المحتملة وسيساعد في السيطرة والكشف المبكر عن بعض هذه المخاطر عند حدوثها.
تقوم أنشطة التمويل والاستثمار في البنوك الإسلامية على مفهوم المشاركة في الخسائر والأرباح، وهذا يؤدي إلى تقاسم المخاطر أيضًا، حيث تتجلى الملامح الرئيسية لمخاطر البنوك الإسلامية في العلاقة بين المودعين من جهة والبنك الإسلامي من جهة أخرى، وهذه العلاقة تقوم على أساس تقاسم الخسائر والأرباح معززا مبدء المساواة في تحمل مخاطر المكاسب والخسائر حيث توزع على أطراف العملية الاستثمارية وليس على طرف واحد كما هوا الحال في المعاملات الربوية أو كما يصفها البعض بالقمار حيث أن ربح احد الاطراف هوا خسارة للطرف الأخر والعكس صحيح، ومع ذلك، فإن البنوك الإسلامية تتجنب الخسارة دائمًا باستخدام طرق تمويل واستثمار منخفضة المخاطر، مثل المرابحة والإجارة وما إلى ذلك، كما تتضمن بعضا من المحاولات الناشئة لإيجاد صناديق تأمين ضد هذه المخاطر لتقليل نسبة الخسائر قدر الإمكان وبذلك نجد بأن جميع الأطراف رابحة في التمويل الاسلامي.
يتم تعريف مصطلح "المخاطرة" على أنه: "عدم اليقين بشأن العائد أو حجمه أو وقته أو انتظامه أو كل هذه العناصر مجتمعة". كما يتم تعريفها على أنها: "الاحتمالية المستقبلية التي قد تعرض البنك لخسائر غير متوقعة وغير مخطط لها، والتي قد تؤثر على تحقيق أهداف البنك وتنفيذها بنجاح، ويمكن (إذا لم يتم التحكم فيها) أن تؤدي إلى إفلاس البنك و زواله ".
وتعرف إدارة المخاطر بأنها: "بروتوكول علمي للتعامل مع المخاطر المطلقة، من خلال التنبؤ بالخسائر المحتملة وتصميم وتنفيذ الإجراءات التي تهدف إلى تقليل احتمالية حدوث الخسارة، أو تقليل الأثر المالي للخسائر والوصول لحده الأدنى ".
يصنف الباحثون المخاطر بطرق مختلفة، مثل فصل المخاطر إلى مخاطر عامة ومخاطر محددة، وتتعلق المخاطر العامة بظروف السوق والاقتصاد بشكل عام، بينما تتعلق المخاطر المحددة بالمؤسسة نفسها وعملياتها وقد قام تيار اخر من الباحثين بفصل المخاطر إلى مخاطر العمليات والمخاطر المالية البحتة مثل تغير أسعار هوامش الربح، حيث تكون مخاطر العمليات هي المخاطر التي يكون مصدرها طبيعة المنظمة أو المؤسسة وترتبط بعوامل تؤثر على منتجات السوق وتتأثر بها، ومن ناحية أخرى، فإن المخاطر المالية هي تلك المخاطر التي تؤدي إلى خسائر محتملة ومحسوبة، ونتيجة لذلك، يرتبط الاضطراب في المتغيرات المالية في الغالب بنظام الاقتراض او ما يعرف بالرافعة المالية حيث أن اي اختلال في نسبة الرافعة قد يضع المؤسسة في وضع مالي لا يسمح لها بالوفاء بالتزاماتها من أصولها.
وأخيرا، يجب التمييز بوضوح بين الفرق في قياس المخاطر وإدارة المخاطر بذاتها حيث يرتبط قياس المخاطر باكتشاف وقياس شدتها وتعرض المصرف او درجة انكشافه عليها، بينما تتعلق إدارة المخاطر بالتخفيف من المخاطر وتقليلها، وبالإضافة إلى ذلك، يجب تحديد الفرق بين قياس المخاطر ومراقبة المخاطر، حيث يستلزم مفهوم إدارة المخاطر الحماية من المخاطر المحتملة والكشف المبكر عن المشاكل عند حدوثها والعمل على تصحيحها، وهذه عملية شاملة مستمرة تشاركية يتم بموجبها قيام الجميع برفع مستويات الوعي اللازم والاحاطة بالمخاطر لتحديدها ومن ثم ايجاد الطرق العلمية الصحيحة للتخفيف من أثرها.
المراجع:
- شوين، إدوارد. "الأزمة المالية 2007-2009: تآكل الأخلاق: دراسة حالة." مجلة أخلاقيات العمل. 2007
- لجنة بازل للرقابة المصرفية. "بازل 3: نسبة تغطية السيولة وأدوات مراقبة مخاطر السيولة. 2013
- ألمير كولان. المركز الأسترالي للتمويل الإسلامي، التمويل الإسلامي المقدمة والمادئ الأساسية. 2012
خاص_الفابيتا
مقال مختصر موضوعي ورائع عن المصرفية الإسلامية. شكراً أخ عادل!