أينما اتجهتَ في الأسواق التجارية ونظرتَ إلى المحلات التجارية والمعارض والمسميات، فسوف تجد النسبة الساحقة من المعارض والمحلات تحتوي على ملابس النساء وعطورهن وزينتهن،
ناهيك عن الذهب والجواهر، والساعات الفاخرة، ومختلف السلع الراقية، ستجد المرأة هي الفارسة في هذا المجال، بلا جدال، سواء أكان المجتمع الذي تسير في شوارعه محافظاً أو غير محافظ، وسواء أكان غريباً أم شرقياً، فقيراً أو غنياً، في كل الأحوال سوف تجد المرأة هدف التجار!!
وستجد لمستلزمات الرجال معارض ومحلات قليلة، وغير فخمة في ديكوراتها وأنوارها كالمعارض النسائية، وربما وجدتها منزوية، وربما وجدتها منسية تماماً في أسواق بأكملها.. وربما وجدت محلاً يبيع بضائع الرجال رثاً بين المعارض التي تبيع المستلزمات النسائية وكأنه شحاذ بين أسياد!.
@@@
على أن الأمر لا يقتصر على مستلزمات المرأة المباشرة، كأزيائها ومكياجها وعطورها وحليها وأشيائها الخاصة.. ستجد أن أي معرض فخم جميل يراعي ذوق المرأة قبل الرجل، ويتوجه للمرأة قبل الرجل، سواء أكان معرضاً للمفروشات أو للديكور أو لمواد التشطيب الراقي في البناء أو للتحف أو حتى للسيارات!
وقد رأيتُ رجلاً في معرض ضخم لمواد البناء والتشطيب يريد أن يختار بلاطاً من النوع الفاخر، والبائع يتبعه ويشرح له.. ويغريه .. وقد أعجبه هذا وذاك ولكنه قال كلمته الأخيرة:
لا بد أن أحضر امرأتي لتختار هي!
وابتسم البائع مشجعاً وقال:
طبعاً يا سيدي .. نحن نسميها وزارة الداخلية.. ولا بد من موافقة وزارة الداخلية..
ويندر أن يشتري رجل لامرأته نوعاً من القماش فلا تذهب لاستبداله على ذوقها الخاص!
بل إن كثيراً من ملابس الرجال ومستلزماتهم الخاصة القرار في شرائها للمرأة وليس للرجل.. أما مشتريات البيت اليومية فالمرأة هي الآمرة الناهية بلا جدال!
ولهذا تجد معظم الإعلانات والدعايات تتوجّه للمرأة وتهمل الرجل وتغفله وكأنه غير موجود أو صار نسياً منسيا!
والتجار أذكى وأخبر بواقع الحال!
التاجر شاطر دائماً!
ويعرف من أين تؤكل الكتف!
@@@
وإذا أردنا أن نتساءل عن سر هذه الظاهرة المنتشرة في كل أنحاء العالم.. وهي أن معظم المحلات والمعارض التجارية مخصصة للمرأة، ومعظم الإنفاق يمر عبر يديها الكريمتين، ومعظم الدعايات والإعلانات تتوجّه إليها وتخطب ودها هي ولا يهمها الرجل..
إذا أردنا أن نتساءل عن سر تلك الظاهرة العالمية ونحاول التماس تعليل لها فإننا نقول إن الرجل (يشتري عن حاجة) والمرأة (تشتري عن رغبة) والحاجة في العادة محدودة، أما الرغبة فليس لها حدود، وهذا ما تدركه بيوت الأزياء والموضة وصانعو الحلي والعطور، لذلك (يصنعون) عند المرأة رغبة جديدة باستمرار، ويواصلون تغيير الموضة والعطور وأشكال الحلي والزينة لكي تظل المرأة تستهلك وتستنزف مالها ومال زوجها ومجتمعها وتدفع بسخاء لسلعة جديدة سوف تصبح قديمة بعد قليل من الزمن..
إن المتخصصين في عرض الأشياء والأزياء النسائية في واجهات المتاجر أذكياء ماهرون، بحيث يجعلون المرأة تتسمر أمام واجهة المتجر وتلمع عيونها كعيون القطط في الليل طمعاً ورغبة في هذا الموديل الجديل، وهذه الحلي المستحدثة، وهذا الفستان الفاتن، وتلك العلبة الجديدة من العطور ذات الاسم الجديد والمثير.
هنا لا تقاوم المرأة رغبتها في الشراء!
وهكذا تدور عجلة الاقتصاد الثقيلة تدفعها الأيدي الناعمة بسهولة..
ولكنه - في معظمه الساحق - اقتصاد استهلاكي لا إنتاج فيه.. ولا إضافة .. خاصة بالنسبة لنا في العالم النامي.. حيث نستهلك ولا ننتج.. ندفع لنوفر فرص العمل لغيرنا.. ونستهلك لتدور مصانع غير مصانعنا.. وندفع مما نستنزفه من مواردنا الخام الناضبة!
إن الاستهلاك في الدول المتقدمة جزء من عملية الإنتاج.. فهم ينتجون ويستهلكون.. بل هم في الواقع ينتجون أكثر مما يستهلكون بكثير.. ويتركون لنا مهمة الاستهلاك المجرد.. ويدخرون ما نستهلكه لتطوير اقتصادهم وحضارتهم وقوتهم بينما نحن نستهلك البقية الباقية من ثرواتنا الخام الناضبة..
وفوق هذا نعتاد على الترف والكماليات المسرفة في أشكالها وأعدادها من ملابس للصباح وفساتين للسهرة ومع كل زي وفستان ما يلائمه من أحذية وأحزمة وجلديات وربما جوال..
ويصبح عشق المظاهر - والمظاهر الجوفاء في الواقع - غراماً عارماً عاماً وسباقاً محموماً نحو الإنفاق بلا حساب!
إنني أكاد أجزم أن متوسط ما تنفقه المرأة السعودية على أزيائها وعطورها ومظهرها يفوق أضعاف متوسط ما تنفقه المرأة الباريسية والإيطالية والإنجليزية والأمريكية وكل البلدان التي هي مصدر الموضة ومصنع الأزياء والعطور.. والمسألة لا تقتصر على الفساتين والعطور والحلي والجواهر والساعات.. مع أن ما يُنفق فيها لدينا ثروات.. ميزانيات دول نامية مجاورة بالكامل.. المسألة تتعدى هذا إلى مفروشات المنازل، وواجهاتها، وأشكال المطابخ، وموديلاتها، ومواد الديكور وصرخاتها، ناهيك عن أجهزة التلفزيون والموسيقى والتي تقبع في كل غرفة من غرف البيوت الكثيرة وكأن بيوتنا فنادق.
بينما تستخدم الغرف - في كل أنحاء العالم - للنوم فقط.. أما التلفزيون ففي صالة العائلة للجميع.. لدينا لا .. كل ابن وكل بنت له عالمه الخاص المكلف!.. المكلف مادياً ومعنوياً وتربوياً..
أما الطعام نفسه فكثير من البيوت الآن لدينا.. إن لم يكن أكثرها.. يطبخون في البيت ويطلبون من المطعم!
الأهل يطبخون الكبسة والخضار وربما الأكلات الشعبية، والأولاد يطلبون الوجبات السريعة الجاهزة من المطاعم المرصوصة أرقامها لديهم ويتركون طبخ البيت ويلقى معظمه في المزابل!
إنه - مع الأسف - إسراف حقيقي كامل!
@@@
يضاف إلى هذا أن شبابنا وشاباتنا - بل المراهقين وقبل المراهقة أحياناً - معهم جوالات! .. وهات يا كلام ومسامرات.. والفواتير تهطل كالمطر.. وسعر دقيقة الجوال لدينا أغلى سعر في العالم.. والكلام بلا حساب.. وبلا داع ولا معنى.. والهاتف الثابت موجود ولكن المحروسة والمحروس اعتادوا الجوال والويل لرب الأسرة إذا تفلسف وأنكر فهو إذن متطفل بخيل بخيل!
@@@
إن الأصل في الاستهلاك هو (الحاجة) وليس (الرغبة) الحاجة الفعلية وهي في العادة تكون محدودة.. وراشدة.. وعملية.. أما الرغبة فهي جامحة.. ومتجددة .. ودائمة .. ونزقة.. ومندفعة .. وليست عملية أو تهتم بالسلعة العملية .. بل بالمظهر قبل الجوهر.. والرغبة - مثل المظهر - وقتية .. ومثله سريعة الملل وطلب التغيير .. وبهذا تدور رحى الاستهلاك وكأنها نزيف دائم من اقتصاد الأسرة والمجتمع..
@@@
إنني أعلم أن في النساء نساء راشدات جداً وأعقل من الرجال.. وأن في الرجال مظهريين إلى أبعد الحدود.. وخاصة في الزمن الأخير.. ولكن النسبة الغالبة من النساء يشترين عن (رغبة) لا (حاجة) والنسبة الغالبة من الرجال يشترون عن (حاجة) لا (رغبة) والمهم هو النسبة الغالبة.
ولهذا فإن توعية المرأة منذ الصغر على أهمية الاقتصاد وحسن التدبير، في البيت والمناهج الدراسية ووسائل الإعلام، أعتقد أنه أمر حيوي جداً لاقتصاد الأمة وتنميتها الحقيقية وليس الجوفاء.. ومهم جداً لتربية العقل وبناء المستقبل، مستقبل الأولاد والأجيال فإن الإسراف والترف وعشق المظاهر ما انتشرت في مجتمع إلا أتت عليه وهدته بعد زمن يقصر أو يطول..
تلك سنّة الله في خلقه، ولن تجد لسنّة الله تبديلا.
@@@
يقول عالم الاجتماع الأول عبدالرحمن بن خلدون في مقدمته: "إن الناس إذا صار همهم النعيم وخصب العيش والدعة والراحة والتفنن في المباني والملابس والاستكثار من ذلك والتأنق فيه بمقدار ما حصل من الرِّياش والترف وما يدعو إليه من توابع ذلك والترفع عن خدمة أنفسهم وولاية حاجاتهم ويستنكفون عن سائر الأمور الضرورية حتى يصير ذلك خُلقاً لهم وسجية وتنشأ بنوهم وأعقابهم في مثل ذلك فيأذنون بالانقراض.. وعلى قدر ترفهم ونعمتهم يكون إشرافهم على الفناء..."
مقدمة ابن خلدون ص 140باختصار وتصرف يسير.
نقلا عن الرياض
الرجل يفكر بعقلانيه ويشتري بالعقل و للحاجه وإن كان لكل قاعدة شواذ أما المرأه ففي الغالب تشتري دون تفكير أو لتواكب الموضه أو مجاراة لغيرها من النساء وأنها ليست أقل منهن ولا تتعقل كالرجل وتفكر هل هي بحاجة فعلية له أم لا
قال أحد شيباننا رحمهم الله: الشيء إللي ما أحتاجه لو سعره بريال .. فهو غالي !!!!.. فالأساس المنطقي لقرار شراء المنتج هي الحاجة إليه !!.. لذلك يعمدُ رجال التسويق بإيجاد الحاجات الوهمية لمنتجاتهم.. حتى يقوم الناس بالشراء !!!... والسلام.
ههههه زمان هذا مع قلة المغريات حاليا الرجال ينافسون النساء في احدث الطرازات من الجوالات والسيارات والمودا
موضوع جميل ولكن حين تأتي الى الإثنين الرجل والمرأة والعلاقة الأهم بينهما تجد أن المرأة للرجل رغبة أكثر منها حاجة والرجل للمرأة حاجة أكثر منه رغبة وإن كانت الرغبة والحاجة مختلطتين عندهما .
العلاقة الجدلية بين الرجل والمرأة: هل يبحثُ الرجلُ عن الحياة في المرأة أم.. يبحثُ عن المرأة في الحياة ؟؟؟
المرأة بطبيعتها جميلة تحب الجمال والزينة وهو شيء مطلوب باعتدال.. و في تسوّق الأزواج.. الــــــمرأة تدقق في التفاصــيل والـــــــرجل يتأفف .. الرجل يتذمر في التسوق، حتى حين تشتري المرأة أغراض المنزل، بحكم الاختلاف بين شخصية كل من الرجل والمرأة، فهو بطبيعته سريع الاختيار ولا يهتم لتفاصيل كثيرة، بعكس المرأة التي تتأنى قبل أن تدفع ثمن ما تشتري.. سلمك قلمك أبا احمد
" وسعر دقيقة الجوال لدينا أغلى سعر في العالم" لا أعتقد بأن هذي المعلومة دقيقة !
كنت اتمنى لو جعلت المقال يقتصر على موضوع المقارنه فى الانفاق بين الرجل والمراه وترك انتقاد الاسراف فى الانفاق الاسري لدينا ومقارنته بدول العالم المتقدم موضوع لمقال اخر
اتفق معك بخصوص جشع التجار في الرأس مالية بخاصة في الانظمه البطريكيه او الانظمة الابوية (بمعنى الأنظمة التي يسيطر عليها الذكور من البيت وصولا الى المناصب في الدوله) ولكن اختلف بخصوص ان الرجل يشتري للحاجه فقط والمرأة رغبه منها فقط. منذ دخول الفتاة للجامعة تكون نسب المطلوبة منها اعلى من النسب المطلوبه من الاولاد لدخول التخصصات، وعند البحث عن فرص العمل تقل نسبة توظيف النساء بشكل كبير وللأسف نحن نعاني من البطالة المؤنثة، وعندما تتوظف المرأة بالعاده تعطي الشركات راتب اعلى لزميلها في العمل حيث وجدت هيئة الاحصاء في السعوديه بأن المرأه تحصل على ٥٠% فقط من راتب الرجل. كل هذه العوامل تؤدي للفقر المؤنث، وتضطر الكثيرات للاعتماد على الرجل في المصروفات. الدعاية والاعلان التي تسوق لمستوى عالي من معايير الجمال المستحيلة، النقد الذي تواجهه المرأة من المجتمع عندما لا تتناسب مع معايير الجمال والذي يصل احيانا للعنف اللفظي او الرمزي او حتى التنمر. كثيرا ما نرى ممثلة تظهر صورتها بدون مكياج وتتعرض للتنمر بأنها قبيحة وهذا واقع في مجتمعنا، ايضا عدم الوصول للمعايير يقلل فرص الارتباط بشريك حيث ان اغلب الخاطبين يريدها "بيضاء ونحيفه وجميلة" وهي الصوره للمراة الجميلة التي يروج لها التجار في الاعلام، فاذا لم تنفق الاموال الطائلة لتكون "بيضاء ونحيفة وجميلة" فلن تتزوج، وان كانت متزوجة ولم تعد جميلة في عيون زوجها فببساطة يستطيع الزواج عليها، او يطلقها فتكون بلا مصدر رزق في احيان كثيرة. كل هذة معاناة غير مرئية تمر بها المرأة. أيضا ان المرأة المتزوجة تقوم بوظيفه تجميل البيت وتنظيفه والطبخ وتربية الابناء فهذه ثلاث وظائف غير مدفوعة الاجر. وموضوع يطول ايضا وهو الضريبه الوردية، وهو رفع اسعار السلع الموجهه للنساء منها نوادي الرياضة النسائية في مجتمع لا تستطيع المرأة ممارسة الرياضة في الفضاء العام كالرجل. الحل ليس بالبخل على المرأة التي هي اصلا مستغلة ومأخوذ مكانها في الوظيفة ويقل راتبها، او على الاطفال الذين يتعرضون للتنمر في المدرسة ان لم يواكبو العصر، بل بنقد التجار والاعلانات ومحاربة الضريبة الوردية، وان يتقبل الرجل ان المرأة ليست باربي، والمطالبة بفرص عمل افضل للمرأة
مبالغة كبيرة كثير من الشعب يعاني ولا يكفي دخلهم لمستلزمات الحياة الضرورية قد تقصد حياتك ومجتمعك ؟؟ لكن للمعلومية هناك بيوت كثيرة جدا تكابد هذه الحياة اعتقد ان مقالك كان مخصصا لفئة قليلة كان يكفي ان تقول ذلك لهم في اي مناسبة تجمعكم او عن طريق الانترنت للمحافظة على التباعد بدل ان تكتبه للعموم الحاجة الذي تتكلم عنه وانها الاصل في الانفاق لا تكفي الرواتب لهذه الحاجة اما الرغبات فالغالبية قد نسوها