فاتك نصف عمرك

23/10/2020 1
عبدالله الجعيثن

روى الجاحظ أنّ شاباً سافر على مركب يمخر نهر دجلة، وأثناء الرحلة سأله رجل بجانبه:

هل تجيد النحو؟ فأجاب:

كلا، مع الأسف،

فقال له:

فاتك نصف عمرك!

انصدم الفتى من هذا الكلام وصمت..

بعد فترة هبت رياح عاتية جعلت المركب يتقلب وتدخله المياه، فقال الفتى للرجل:

هل تجيد السباحة؟

رد الرجل بذعر:

لا والله،

فقال الفتى:

فاتك عمرك كله!

الشاهد من هذا، أن إتقان بعض المهارات العملية لا يقل أهميةً عن إتقان العلوم النظرية..

وطوال تعليمنا، أنا وزملائي على الأقل، لم يتم تدريبنا على أي مهارة عملية، لا سباحة ولا تجارة ولا قليل من مبادئ الكهرباء أو السباكة أو النجارة أو غير ذلك من الحِرف اليدوية أو المهن..

كل تعليمنا كان نظريًا، تبخر أكثره تحت شمس الواقع، حتى إن أكثرنا لا يجيد إصلاح أسهل خلل في المنزل..

مرّ علينا في المراحل الأولى من الدراسة حكمة تقول:(مهنة في اليد أمان من الفقر)، لكننا قطعنا كل مراحل الدراسة وأيدينا خالية من مزاولة أي مهنة عملية، وشغل الكثير منا وظائف لا علاقة لها بما تعبنا في دراسته، وهذا خلل في كثير من التخصصات، ومناهج التعليم تحتاج إلى إصلاح، بحيث تتوافق مخرجات التعليم مع حاجات الواقع والسوق والحياة..


نقلا عن الرياض