فرضت جائحة كورونا واقعا صحيا غير مسبوق، استنفرت بسببها، الحكومة أجهزتها، وسخرت جميع إمكانياتها لمواجهتها وفق خطط وبرامج محكمة في الجانبين، الصحي والاقتصادي، وخصصت ما يقرب من 47 مليار ريال لتعزيز قدرات القطاع الصحي وتوفير احتياجاته الطارئة وبما يسهم في حماية الإنسان الذي جاء في مقدم اهتمامات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
بُنيت إستراتيجية المواجهة على شعار «الإنسان أولا» وهو الشعار الذي تحول إلى واقع معاش خلال الأشهر الأربعة الماضية. لم تميز الحكومة بين المواطن والمقيم في الحصول على الرعاية الصحية، بل تجاوزت عن مخالفي أنظمة العمل والإقامة، وشملتهم بالرعاية الصحية دون مساءلة أو حساب.
إنشاء المختبرات الإقليمية، والمستشفيات الميدانية من أهم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، ووفرت لها الميزانيات الضخمة، ولعلي أشير إلى العقد الموقع مع الصين لتوفير 9 ملايين فحص وتوفير الأجهزة والمستلزمات، و500 من الأخصائيين والفنيين وإنشاء ستة مختبرات إقليمية، منها مختبر متنقل وتدريب الكوادر السعودية.
وتحسبا لارتفاع الحالات بداية الجائحة، وعدم وضوح الرؤية حيال الفايروس المستجد، وجهت الحكومة بإنشاء مستشفيات ميدانية في المدن الرئيسة، ومنها مكة المكرمة، الرياض، جدة، المدينة، الخبر، وغيرها، لتخفيف الضغط ونسبة الإشغال على المستشفيات، والتحوط من المفاجآت.
مساهمة القطاع الخاص في إنشاء المستشفيات الميدانية، بالإضافة إلى المساهمات المالية المباشرة، أمر لافت وإيجابي أسهم في تخفيف أعباء وزارة الصحة، خاصة مع ازدياد الحاجة لإنشاء مستشفيات ميدانية في المدن الأكثر حاجة، أو تجهيزها في المدينتين المقدستين لخدمة الحجاج والزائرين خلال موسم الحج الذي اقتصر على حجاج الداخل وبأعداد محدودة تحوطا من الجائحة. تمكين القطاع الخاص وإشراكه في مبادرات مجتمعية نوعية أمر غاية في الأهمية، لتحقيق أهداف مختلفة، وأهمها المساهمة في الجهود المبذولة، وتحقيق كفاءة الإنجاز واختزال وقت التنفيذ ومد الجسور بين المجتمع والقطاع الخاص من جهة، والوزارات الخدمية والقطاع الخاص من جهة أخرى. كفاءة التنفيذ ظهرت على مستشفى المدينة المنورة الميداني، الذي بادرت بإنشائه شركة «أكواباور» ضمن مشروعات المسؤولية المجتمعية. بدا المستشفى بعد تسليمه لوزارة الصحة وكأنه مستشفى دائم من حيث التنفيذ النهائي، والتجهيزات والاستعدادات الفنية والتشغيلية، ذات الكفاءة والجودة العالية، المحققة لاستدامة خدمات المرفق حتى بعد انقضاء الجائحة، والداعم لمنظومة مرافق ومستشفيات وزارة الصحة.
الأمير فيصل بن سلمان، أمير منطقة المدينة المنورة؛ أطلق اسم «مركز نجود الطبي» على المستشفى الميداني، تكريماً لنجود الخيبري؛ رحمها الله؛ أول ممرضة سعودية تلقى الشهادة لدى أدائها الواجب في معركة فيروس كورونا المستجد.
محمد أبونيان، رئيس مجلس إدارة «أكوا باور» أكد خلال افتتاح المركز على أهمية الشراكة الفعالة بين القطاعين الحكومي والخاص، التي مكنت الشركة من إنشاء مركز متكامل مزود بأحدث الأجهزة والمعدات والحلول التقنية التي ستعزز من كفاءة المنظومة الصحية في المدينة المنورة.
أؤمن بقدرات القطاع الخاص، وحرصه على المساهمة المجتمعية الفاعلة، متى توفرت الفرص الجيدة، والشفافية المطلقة، والشراكة المحفزة على الإبداع والاستثمار الأمثل للمبادرات المجتمعية، وأجزم أن إنشاء المرافق العامة وبخاصة في قطاعي الصحة والتعليم، هي الأبقى والأكثر فائدة للمجتمع، وللمبادرين من القطاع الخاص، ما يستوجب إنشاء «بنك المبادرات المجتمعية» في جميع مناطق المملكة، لتقديم المبادرات المكتملة والجاهزة للتنفيذ من قبل القطاع الخاص، وليكون مرجعية للباحثين عن المشروعات المجتمعية الأكثر أهمية للمجتمع.
نقلا عن الجزيرة