يقول الشريف الرضي:
قِفْ مَوْقِفَ الشّكّ لا يأسٌ وَلا طمعُ
وغالطِ العيشَ لا صبرٌ ولا جزعٌ
وَخادعِ القَلبَ لا يُودِ الغَليلُ بِهِ
إنْ كَانَ قَلْبٌ عَلى المَاضِينَ يَنخدعُ
وَكاذِبِ النّفسَ يَمتَدّ الرّجَاءُ لهَا
إنّ الرّجَاءَ بصِدْقِ النّفسِ يَنقَطعُ
والآخر يصف نفسه ويعترف أن الطمع عبودية وذل والقناعة حريِّة:
أطَعتُ مَطامِعي فاستَعَبَدَتني
ولَوْ أنِّي قنعتُ لَكُنْتُ حرَّاً
ويُعتبر بيت أبي تمام الشهير:
بصُرْتَ بالرَّاحة ِالكُبرى فلمْ ترها
تُنالُ إلاَّ على جسرٍ منَ التَّعبِ
من سياسة النفس لأن وعدها بالراحة الراقية بعد التعب يدفع للكفاح ويُلهب الحماس..
ولشاعرٍ مجهول:
وَما طَلَبُ المَعيشَةِ بِالتَمَنّي
وَلَكِن أَلقِ دَلوَكَ في الدِلاءِ
تَجِئكَ بِمَلئِها طَوراً وَطَوراً
تَجِئكَ بِحَمأَةٍ وَقَليلِ ماءِ
وَلا تَقعُد عَلى كَسَلِ التَمَنّي
تُحيلُ عَلى المَقدّر وَالقَضاءِ
والإيمان بقدر الله خيره وشره لا جدال حوله لكن الإنسان مأمور بعمل الأسباب، وحين رأى رجل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفر من بلد انتشر فيها الطاعون قال له: أتفرُّ من قدر الله؟! فقال الفاروق: نفر من قدر الله إلى قدر الله..
ومع أن الشاعر المجهول يُسَفّه الأماني، إلّا أنها مُريحة مع العمل الجاد لا كبديل له:
مُنًى إِنْ تَكُنْ حَقًّا تَكُنْ أَحْسَنَ الْمُنَى
وَإِلَّا فَقَدْ عِشْنَا بِهَا زَمَنًا رَغْدَا
غير أن الأماني بلا عمل رأس مال المفاليس.
ومن الأبيات الشائعة في سياسة النفس قول الطغرائى:
أعللُ النفس بالآمال أرقُبُها
ما أضيقَ العيشَ لولا فُسْحَةُ الأملِ
فالأمل كالبصر..
نقلا عن الرياض
الله الله بيت يكتب بالذهب . بوركت ابا احمد على هذا النقل صح لسانك وقلمك . " أطَعتُ مَطامِعي فاستَعَبَدَتني ولَوْ أنِّي قنعتُ لَكُنْتُ حرَّاً " اطاعة النفس حسرة إن النفس البشرية تحب الخلود إلى الراحة والاسترخاء، والإنسان أيضاً في صراعٍ دائمٍ مع نفسه، مرة تنتصر عليه، ومرة ينتصر عليها، ويبقى هذا الصراع إلى أن يأتي أجله، لكن السؤال كيف أجاهد نفسي؟ كيف أنتصر على نفسي؟
مجاهدة نفسه والانتصار عليها، ومن أهم الأسس التي تساعد الإنسان في الانتصار وكسب السعادة في حياته ، أن يكون القلب حياً، صافياً، وجلاً، راشداً مليء بالحكمة . كما شبه الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأروع الصفات، حيث قال سبحانه وتعالى في سورة الأنفال آية (2): "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"، وأن يكون عقل الإنسان المسلم واعياً مستبصراً، يقرأ في شتى العلوم التي بها يتقرب من الله، ويدرك عظمته التي لا تصفها الكلمات، فالعبد المسلم يستطيع أن يروض نفسه، وألا يخلد إلى هواه، لكم مني كل تقدير .