100 مليار هدر الموارد

01/05/2020 4
عبدالله الجعيثن

لو رأيت إنساناً يمزق كل يوم عدداً من النقود ويرميها في سلال المهملات لقلت هذا مجنون..

ملايين يفعلون هذا كل يوم في مجتمعنا وفي دول الخليج العربي الشقيقة، على تفاوت في عدد النقود الممزقة كل يوم، وإن كنت أعتقد أن لمجتمعنا قصب السبق في هذا التصرف الأرعن، ولا فخر، فنحن الأكثر سكاناً وعزائم وولائم زواجات، و.. الهياط.. عند بعضنا يضرب الرقم القياسي مع الأسف.

تمزيق النقود، على جنونه وكونه جريمة، أسهل بما لا يقاس من هدر الطعام والماء والطاقة، تمزيق النقود خسارته على صاحبه فقط ولا يضر الاقتصاد الوطني أبداً، أما هدر الموارد فضرره متعدٍ يشكل خسارة مؤكدة في موارد محدودة، وخاصة في بلدنا الصحراوي الذي ما زال يستورد أكثر ما يأكل، وما زال يعتمد على الريع أكثر من الإنتاج، وقطرة الماء في الصحراء أغلى من الذهب، والشرب من البحر المحلى، مع الهدر المخيف، من شبكة شركة المياه، ومن كثير من المواطنين والوافدين، أمر يحير العقلاء ويندى له الجبين.

قدر وزير البيئة والمياه والزراعة أن هدر الغذاء يكلف المملكة كل عام 40 مليار ريال، وقال إن الغذاء المهدر تزيد نسبته عن 33 % مؤكداً أن للهدر أضراراً على الاقتصاد والبيئة والصحة.. وذلك أثناء تدشين معاليه لحملة (احفظها لتدوم)..

قلت هدر الغذاء عندنا يكلف وحده أكثر من 100 مليار إذا تقصينا فحسبنا ما يترتب عليه من أمراض السمنة والسكر والضغط والنوبات القلبية بسبب الإفراط في تناول الطعام، غير ما يُهدر في المزابل جالباً للحشرات والجراثيم، وهو هدر لا يُقاس بالمال وحده، لأنه تضييع لموارد يحتاجها البشر كلهم، مما يجعل عرضها يقل وسعرها يرتفع، واستنزافها للمياه يزيد، خسائر كبيرة من كل النواحي، ومع وجود ملايين من البشر في كوكبنا يشكون المجاعة وندرة المياه الصالحة للشرب وانعدام الكهرباء، ندرك أبعاد خطورة الإسراف في هدر الموارد، ومدى بعد الكثيرين عن قول الله عز وجل بصيغة الأمر (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).

نقلا عن الرياض