عمرت مرتين وأدركت أن العمار مُتعب جداً، وفي المرة الثالثة اشتريت أرضاً وأردت أن يكون (المخطط الأولي) على ذوقي، وكان في تلك الأرض عيوب: فهي (مشوطرة)، وبقربها (عمائر مرتفعة تكشفها) لكنّ موقعها ممتاز، وهو ما أغراني بمحاولة عمل مخطط يُخفي عيوبها ويُرضي ذوقي أنا وأسرتي، ويجمع بين الوظيفة والجمال!! قلت: التخطيط يعتمد على الخيال، والكاتب صاحب خيال!
أمضيت سنة وأنا أخطّط!! أشتري كراسات التخطيط (بالدرزن)!! وشاركني أصدقائي في عمل المخطط الموعود!! حتى السائق تعلّم التخطيط!!
دور السائق رسم حدود الأرض في كامل أوراق الكراسة كما هي على الطبيعة، ودوري توزيع المداخل والاستقبال والصالة والدرج والغرف والمرافق!! مع الحرص على طمس عيوب الأرض!! يا معاند بحر!! دمت سنة في (انتظار جودو!!) ثم اقتنعت بالذهاب إلى مهندس!
كان المهندس صديقاً، وحاول كثيراً، ولم يعجبني ما يفعل! كان له مساعد رسام، قلت: دعني يا صديقي مع الرسام نعمل على الكمبيوتر! ظننت أن هذا أسهل وأوضح من التخطيط على الورق! لم أيئس بعد! كان دوام المهندس الفاضل ينتهي فأقول له اتركني مع الرسام!! حوّلت مكتبه لبقالة! أسهر ليلاً مع الرسام، والسائق يحضر الشاي والقهوة والبسكويت والطعام!! أخيراً استسلمت تماماً، وبعت الأرض المبروكة!!
الشاهد هنا أن أهم ما يتطلبه (بيت العمر) هو المخطط الممتاز الذي يجمع بين الوظيفة والجمال، وهندسة القيمة، بحيث تقل التكاليف المستمرة من كهرباء وماء وتنظيف، ولكنّ كثيراً منا لا يُولي المخطط تلك الأهمية، ويستكثر المبلغ الذي يطلبه المهندس الجيد، ويبحث عن الرخيص! ثم يخسر أثناء التنفيذ أضعاف ما كان سيدفعه للمهندس الممتاز، بسبب التعديل والتكسير! غير ما يُزعجه من سوء المخطط حين يراه مُجَسَّداً على الطبيعة..
أيضاً موقع الأرض وخلّوها من العيوب الواضحة في غاية الأهمية..
بيت العمر يستحق الجهد.
نقلا عن الرياض
ابق على اطلاع بآخر المستجدات.. تابعنا على تويتر
تابِع
أحب كتاباتك وأقرأها وتعجبني وأؤيدها ولكن هذه المرة وجدت في نفسي تعليقا فالعمر كله ممر لللأخرة ومهما طال فهو قصير وبيت العمرالذي يحتاج الى اجتهاد هو الدار التي سنذهب اليها وليس الدار التي سنغادرها . واعظم اجتهاد يسعد الانسان هو جهاد النفس و النظر في نصف الكأس المملؤة والتغاضي عن النصف الفارغة حتى يرضى بما تيسر له ويبتعد عن حب الدنيا والتعلق بها والتبذير فيها .
(بيت العمر) من الكلمات الخادعة انظر للكاتب تنقل بين ثلاث بيوت وبعمر واحد . . .
أحسنت الوصف