وهذا التحذير موجّه للمسرفين المترفين.. وهم في مجتمعنا كثير.. نحن نعلم أن المملكة تعيش في خير عميم بفضل الله ثم بفضل قيادتنا التي حفظت أمننا وصانت مواردنا وفي مقدمتها النفط.. النفط الموجود في عدة دول حين فقدت الاستقرار والرشد ذاقت الجوع والخوف رغم أنها تملك الأنهار الجارية والأراضي الخصيبة والنفط الوفير.. ولكن كل الموارد بلا استقرار هي مجرد أصفار على اليسار..
الجغرافيا والتاريخ، وماضينا القريب، وقبلها ديننا الحنيف، والعقل الرشيد، كلها تحذرنا من الإسراف بكل أشكاله وخاصة الإسراف في استنزاف الماء والطاقة ونزيف الأموال التي يحولها الوافدون - ومن حقهم ذلك - طالما اعتدنا الاعتماد عليهم، وأدمّنا على الاستعانة بهم في أكثر أمورنا من تنظيف بيوتنا وشوارعنا إلى إصلاح سيارتنا وأجهزتنا حتى تحوّل الكثير منّا إلى مجرد مستهلكين لا يُنتجون، مجرد مسرفين مُترفين يُعوِّلون على خدمة الآخرين لهم في بيوتهم وشؤونهم داخل وطنهم وحين يسافرون - وأسفارهم كثيرة ومكلّفة وتحدث نزيفاً في العملات الصعبة..
التاريخ يقول إن أجدادنا عاشوا الجوع وعانوا الأمرّين في تدبير لقمة العيش، وينبغي أن نُنصت لحكمة التاريخ الشيخ فهو يتحدّث بحقائق وينطق بحكمة، والجغرافيا تُقرّر أننا نعيش في قارة أكثرها صحراء قاحلة تعوي فيها الرياح ويتمطّى خلالها السراب ويتمدّد التصحر ويهلك حتى الذئب والغراب:
(مهالك لم يصحبْ بها الذئبُ نَفْسَهُ: ولا حملتْ فيها الغرابَ قوادمُه)
هذه الحقائق تجعلنا أمام تحدٍّ حقيقي يجب مواجهته باحترام العمل الجاد، وعدم الاعتماد على الغير، وترشيد الانفاق والاستهلاك، وتمكين ثقافة الادخار والاستثمار، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وتجنب الهدر والإسراف بمختلف المواقف والصور، فلن ينهض بالوطن إلّا سواعد أبنائه المخلصين من الجنسين، ولن يتحقق النمو المستدام إلّا ببناء الإنسان المنتج الراشد المخلص الذي يحرص أشد الحرص على مستقبل أولاده وأحفاده، ويعمل جاهداً على توفير موارده وموارد بلاده.
لاحياة مع التبذير والاتكالية والإسراف والاعتماد على الآخرين.
نقلا عن الرياض