أخطر أنواع الفساد

21/06/2019 3
عبدالله الجعيثن

للفساد عدّة وجوه قبيحة تلبس مختلف الأقنعة، بما فيها قناع الحرص على المصلحة العامة أحياناً، وادعاء الإخلاص أحياناً أخرى، وله عدّة أشكال تتلوّن كالحرباء في الصحراء، وكلما وضعت الحكومات والشركات أنظمة وقوانين تُحاصر الفساد وتُضيّق على الفاسدين، وجد هؤلاء ثغرات ينفذون منها كالثعابين، ويحققون مصالحهم الخاصة على حساب الآخرين، ويوظفون مهاراتهم الإدارية وخبراتهم في الفساد للالتفاف على الأنظمة والقوانين وربما جعلها مطيّة لتحقيق ما يريدون من منافع شخصية باسم الحرص على النظام !

ومع كثرة مداخل الفساد وتنوع أساليبه، فإنّ أخطر مداخله وأخبث أنواعه على الإطلاق هي (الرشوة) لأنها تتم في الظلام، وبطرق ملتوية قد يصعب الوصول لمدبّرها الحقيقي الذي يتخذ له أعوانا أصغر منه (يُربّيهم على يديه القذرتين بعد أن يلمس منهم الاستعداد) ثم يستعملهم (كالبيز) الذي يُمسك الوعاء المغلي فيقي اليد من الحرارة، ويأخذ (البيز) فتات (الرشوة) ويذهب أكثرها لرئيسه الذي لا يظهر في الصورة بأي شكل.. وخطورة الرشوة بلا حدود.. فهي اختلاس حرام من المال العام.. وهي تتسبب في خراب المشاريع أو تعثرها مع ارتفاع تكاليفها، لأن ما يبقى للراشي -وهو شريك في الجريمة- لا يكفي أطماعه ولا يُشبع فساده الذي بدأ به من أول استلامه للمشروع..

كما أنّ (جريمة الرشوة) توقع الظلم على الصالحين، فلا يفوزون بالمشروع الذي تقدموا له بمبلغ أقل وتنفيذ أجود، وتحرم كثيرين من وظائف أو مزايا يستحقونها لأنها أُغتصبِت منهم بيد (الرشوة الحمراء الملّطخة بالدماء).

فوق هذا تنشر الرشوة جراثيمها في الجهاز الذي تُعشِّش فيه، تنتقل عدواها الخطيرة إلى آخرين، حتى تُصبح شبكة قاتلة لا تأتي على شيء إلا جعلتة كالرميم..

ليس لأخطار (الرشوة) حدود فهي كالنار السريعة الانتشار.

وأقوى سلاح لمحاربة هذا الداء العياء (الرشوة) هو تغليظ عقوبة الراشي والمرتشي والوسيط، حتى يتغلّب الخوف على الطمع الذي يشتعل في قلوب المرتشين.

نقلا عن الرياض