عادت أسعار النفط إلى التراخي المقلق، تحت تأثير تراجع الطلب على النفط، في مقابل زيادة المعروض، ما ينذر بحدوث تخمة نفطية يصعب التعامل معها بدءاً من العام 2019، تضارب مصالح المستهلكين والمنتجين، ودخول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في مواجهة مستمرة مع «أوبك» وكأنها المسؤولة عن تحديد أسعار النفط!، أسهم في تذبذب الأسعار بشكل حاد، وتخوف المنتجين من مستقبل النفط ما قد يؤثر على ضخ الاستثمارات في قطاع الإنتاج، ويحمل دول النفط على إعادة توجيه تلك الاستثمارات الضخمة لتنمية اقتصاداتها، وتسريع عجلة الإصلاحات وبناء القطاعات الاقتصادية الوليدة، لإيجاد بدائل إستراتيجية لإيرادات النفط المحاطة بكثير من المخاطر الاقتصادية والسياسية.
خفض الاستثمار في قطاع الإنتاج يعني خفضاً قسرياً للإنتاج المستقبلي، وهو ما لا تريد أن تراه الدول الصناعية والمجتمع الدولي. لذا يفترض ألا يرتبط الأمر بضرورة خفض أسعار النفط؛ بل بالوصول بها إلى القيمة العادلة التي تحقق مصالح المنتجين ولا تضر بالمستهلكين؛ وتعزز ثقة المنتجين بمستقبل النفط، المحفز الأول لضخ الاستثمارات النفطية النوعية.
وزير الطاقة السعودي المهندس خالد الفالح أكد في تصريحات صحفية بالرغبة في الانتقال إلى 2019 بحد أدنى من المخزونات؛ مؤكداً أن السعودية ستخفض صادراتها من النفط في ديسمبر بمقدار 500 ألف برميل يومياً مقارنة مع صادرات شهر نوفمبر الحالي. يبدو أن هناك توافقاً بين أعضاء أوبك على خفض الإنتاج بما لا يقل عن 1.4 مليون برميل يومياً، في اجتماع ديسمبر المقبل؛ خاصة مع وجود التنسيق الأمثل مع روسيا.
من المتوقع أن تدعم إجراءات خفض الإنتاج في حال إقرارها رسمياً، أسعار النفط، غير أنها قد لا تحدث الأثر المستدام لأسباب مختلفة ومن أهمها ضعف أداء اقتصادات الدول الصناعية الكبرى وفي مقدمها الصين، وزيادة إنتاج النفط الأمريكي بمعدل 2.3 برميل يومياً العام المقبل.
من المرجح أن تكون للمتغيرات الاقتصادية التي أعطت إشارات غير مطمئنة لمستقبل الاقتصاد العالمي؛ والقطاعات المالية على وجه الخصوص؛ التأثير الأكبر على مستقبل الأسعار. مخاطر الديون السيادية؛ وانكشاف بعض المصارف العالمية الكبرى؛ ينذر بحدوث أزمة مالية عالمية جديدة؛ تفوق في قوتها وتأثيرها أزمة عام 2008. لذا ينظر الإستراتيجيون بحذر لمستقبل الاقتصاد العالمي؛ ويعيد المستثمرون تقييم مواقفهم وفق ما يعتقدون بحدوثه مستقبلاً؛ لا الحاضر فحسب. من الخطأ أن تنغمس دول النفط بشكل كبير في جدل الإنتاج، وانعكاساته على مستقبل الأسعار، بدلاً من التركيز في مستقبلها ومستقبل اقتصاداتها المهددة بالانعكاسات الحادة الناتجة عن الأزمات المالية والاقتصادية المقبلة، وحاجتها لبرامج التحوط التي تعينها على مواجهة الهزات المالية العالمية العنيفة.
نقلا عن الجزيرة
إحنا في نفس الحالة إللي كنا فيها قبل 4 سنين. النعيمي قرر إنه ما نخفض الإنتاج و نبلع أسعار منخفضة لفترة عشان نؤَمن حصتنا في السوق. الآن أوبك تبغى تضحي بحصتها.