مستقبل الاستثمار والمشروعات العملاقة

25/10/2018 0
فضل بن سعد البوعينين

على غير ما تمناه المرجفون؛ جاءت انطلاقة مبادرة مستقبل الاستثمار لافتة بحضور سياسي واقتصادي واسع؛ بل وبوجود ممثلين عن كثير من الشركات التي أعلن رؤساؤها التنفيذيون الاعتذار عن الحضور بعد حملة الضغط التي مارستها جهات مختلفة ذات طابع استخباراتي وتنظيمات متطرفة سعت لتحقيق أهداف سياسية مشبوهة.

كان لثقل المملكة السياسي والاقتصادي؛ دور حاسم في إنجاح المؤتمر، إضافة إلى دورها الاستثماري الفاعل عالمياً، وحجم الفرص التي ولدتها رؤية المملكة 2030؛ وقدرة الاقتصاد السعودي على توجيه مستقبل الاستثمار اعتماداً على الملاءة المالية، والثروات الطبيعية والشراكات العالمية، والرؤية المستقبلية.

توقيع ما يقرب من 25 اتفاقية بقيمة 50 مليار دولار في أول أيام «مستقبل الاستثمار» عزز من نجاحات المؤتمر؛ وثقله الاستثماري؛ والتنموي؛ خاصة ما ارتبط منها بالمشروعات العملاقة، ومشروعات القطاعات الجديدة أو تلك التي يحتاجها الاقتصاد وفق خطط التنوع المستهدفة من قبل الحكومة.

ولعلي أشير إلى أهمية توقيع مذكرة تفاهم مع شركة CCECC الصينية لتنفيذ مشروع ربط موانئ البحر الأحمر بموانئ الخليج العربي، عبر مسار «الجسر البري» وبقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار؛ وأهمية بلورتها لاتفاقية تنفيذ سريعة لأمية المشروع. استكمال ربط مناطق المملكة بشبكة قطارات حديثه؛ سيسهم في دعم التنمية الاقتصادية والبشرية والمناطقية، إضافة إلى ما سيحققه من بعد إستراتيجي وأمني. حيث تعد شبكات القطارات من أهم أدوات التنمية، وتحفيز الاقتصاد، ودعم الخدمات اللوجستية التي تخطط المملكة لتكون ركيزة في صناعتها.

ربط الشرق بالغرب بشبكة قطارات يعني تعزيز دور الموانئ السعودية على البحر الأحمر والخليج العربي، وتوفير وسائل نقل آمنة للبضائع والسلع والركاب، وتعزيز موقع المملكة في الصناعات اللوجستية؛ إضافة إلى البعد الإستراتيجي الأمني الذي توفره الخطوط الحديدية بشبكاتها المكتملة والكفؤة.

وعلى علاقة بمشروع الجسر البري، وشبكات القطار، تبرز اتفاقية تصنيع عربات الشحن بالقطارات في المملكة، الموقعة بين شركة «سار» وشركة غرين براير الأمريكية ما يعني تناغماً في المشروعات المطروحة بما يحقق هدف تعزيز المحتوى المحلي وتوطين الصناعة ونقل التقنية. وجود شبكة قطارات متكاملة تحتاج إلى بنية تحتية صناعية، وأحسب أن التوطين الموازي لعقود التنفيذ يؤكد حرص الحكومة على تنفيذ أهدافها الصناعية وبشكل خاص، تعزيز المحتوى المحلية. قد تكون أرامكو السعودية المستأثر الأكبر بالصفقات؛ ذات العلاقة بالنفط والغاز والبتروكيماويات؛ غير أن اتفاقية توطين الصناعات الثقيلة مع شركة هيونداي؛ وإنشاء مجمع الصناعات التحويلية من أهمها لانعكاساتها على التنوع الاقتصادي والتوطين.

نجح مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» برغم الظروف الاستثنائية، والحملات الإعلامية الداعية لمقاطعته، وسيستمر في تحقيق النجاحات عاماً بعد آخر؛ طالما كان هدفه التنمية وتحفيز الاستثمارات لما فيه خير البلاد والعباد.

نقلا عن الجزيرة