اتفاقية نافتا الجديدة بين أميركا والمكسيك

19/09/2018 0
د. هاشم بن عبدالله النمر

«نافتا» أو اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية هي الاتفاقية التي أبرمت العام 1994م لخلق منطقة تجارية حرة خالية من الضرائب الجمركية بين الولايات المتحدة «أميركا»، وكندا والمكسيك، وتعتبر أول وأكبر اتفاقية للتجارة الحرة على مستوى العالم، كان الغرض الأساسي وكما وصفها رؤساء أميركا السابقون بأنها ستساعد على التوسع في التصدير وخلق وظائف جديدة لمواطنيها وازدهار الاقتصاد، الجدير ذكره أن نافتا قد غيرت الكثير من عادات مواطني أميركا فيما يتعلق بالغذاء والملبس والمركب وغيرها من الأمور المتعلقة بطريقة الحياة اليومية.

فعلى سبيل المثال فاكهة الأفوكادو تعتبر من الفواكه التي تصدر بكميات كبيرة جدا من المكسيك إلى أميركا وأصبح المواطن الأميركي يستهلك ما مقداره 4 كيلو سنوياً من الأفوكادو في العام 2014م من نصف كيلو فقط في 1994م. وأصبح الشعب الأميركي يلتهم أطنان الفواكه والخضروات المكسيكية وأصبحت المنتجات المكسيكية تباع في الأسواق الأميركية والكندية بأرخص الأسعار، ربما يكون الوضع مناسباً للمواطن الأميركي إلا أنه قد أثر سلباً على الاقتصاد الأميركي، فبالرغم من تساوي كفاءة الأيدي العاملة لدول النافتا مع تدني أجر العمالة المكسيكية مقارنة بالعمالة الأميركية والكندية، أصبحت الكفة الاقتصادية لصالح المكسيك، ولأن الصادرات المكسيكية رخيصة مقارنة بصادرات أميركا وكندا ولأن الغرض الأساسي من النافتا إلغاء التعرفة الجمركية، أصبح تمركز الوظائف في المكسيك وأصبحت المكسيك الحاضن الرئيس لصناعة السيارات الأميركية وخسر العديد من مواطني أميركا وظائفهم وتم إغلاق المصانع والشركات والمنشآت وارتفعت نسبة البطالة، بينما أصبحت صادرات المكسيك تتدفق بغزارة إلى دول النافتا وازدهر انتعاش المكسيك. ووصل حجم التبادل التجاري بين أميركا والمكسيك لعام 2016 إلى 525 مليار دولار بعجز تجاري أميركي بمقدار 63 مليار دولار، ووصل حجم التبادل التجاري لنفس العام بين أميركا وكندا إلى 545 مليار دولار بعجز تجاري أميركي بمقدار 11 مليار دولار، بمعنى آخر أن أميركا تستورد أكثر مما تصدر إلى كندا والمكسيك، لذلك وصف ترمب هذه الاتفاقية بالكارثة وبأنها أسوأ اتفاقية تجارية أبرمت على مر التاريخ الأميركي، وأصبحت أميركا أكثر دول العالم استيراداً من المكسيك بنسبة 81 % من إجمالي الصادرات المكسيكية، وقفز الاقتصاد المكسيكي إلى المرتبة الخامسة عشرة كأكبر اقتصاد عالمي ويقدر حجم اقتصادها بحوالي 1,261 تريليون دولار ويساهم قطاع الصناعة بحوالي 32 % من الناتج المحلي الإجمالي ويعمل بالقطاع نحو 24 % من القوة العاملة في البلاد، وتحتل المركز الثاني عشر عالمياً بتصدير نحو 46 مليار دولار من الصناعات التكنولوجية للخارج واحتلت المركز الرابع عشر عالمياً في إنتاج الصلب لعام 2017 بحجم 20 مليون طن.

وبالرغم من أنه ليس من السهل قانونياً واقتصادياً أن يقوم ترمب بإلغاء الاتفاقية بسبب التداخلات التجارية المعقدة والذي قد يؤدي في حال انهياره إلى حدوث خسائر اقتصادية كبيرة، إلا أنه هدد بالإلغاء ما لم يتم التوصل إلى عدالة اقتصادية واحترم للسيادة الأميركية وطالب بخفض أو إلغاء العجز التجاري بين أميركا والمكسيك وبتغير قوانين التجارة الحرة فيما يخص صناعة السيارات والصلب والبلاستيك، واشترط ترمب من ضمن اتفاقية نافتا الجديدة ضرورة توحيد أجر العمالة بين دول النافتا لتتساوى عند 16 دولارا في الساعة كحد أدنى وبذلك يكون هدفه رفع مستوى الإنتاجية في أميركا وتقليل الاعتماد على السوق والعمالة المكسيكية التي لا يزيد متوسط دخل العامل فيها على 3 دولارات ويضمن بذلك أيضا بيع الصلب والحديد المحلي لمصانع السيارات الأميركية، وتأتي الهجرة غير الشرعية لأميركا عبر الحدود المكسيكية من الأولويات التي يفاوض عليها، وفي المقابل أبدت المكسيك استياءها وصرحت بعدم المساس بالاتفاقية وهددت بالخروج من النافتا واللجوء إلى قوانين منظمة التجارة العالمية للتعاملات التجارية مع أميركا، إلا أن هذا الاحتجاج لم يدم طويلاً، فبالرغم من كل هذه التغيرات فهي تعتبر أفضل من تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية في حال تم رفض شروط نافتا الجديدة. وحديثاً خلال اجتماعه مع الرئيس المكسيكي عبر الهاتف، أعرب ترمب أن الاتفاقية الجديدة أحرزت تقدماً ملحوظاً وقد تم تسمية الاتفاقية الجديدة «الاتفاق الأميركي المكسيكي».

 

نقلا عن الرياض