أعمار مبانينا قصيرة.. لماذا؟

16/03/2018 5
عبدالله الجعيثن

حين تسير في لندن أو باريس أو فينا أو روما أو القاهرة تجد عمائر ومنازل بُنيت من مئات السنين، ولاتزال شامخة شاهدةً على عصورها، مُشِيْدَةً بمن بناها، وممتلئة بالمعارض والسكان والمكاتب كأنما بُنيت من عام.

لدينا تهرم كثيرٌ من المباني وهي طفلة، وتُهجر كثيرٌ من الشقق والفلل التي لم يمضِ على بنائها عقد واحد من الزمن، بل وتظهر التشققات والعيوب في مبانٍ ومنازل جديدة فور الانتهاء منها وقبل أن تُسكن حتى.. فلماذا يعود هذا العيب الخطير الذي يهدر الأموال ويوتر الأعصاب ويجعل بعض الأحياء مهجورة أو شبه مهجورة؟

يعود في نظري إلى سوء التنفيذ، ورداءة كثير من العمالة الوافدة، واعتماد كثير من المواطنين على أنفسهم في بناء منازلهم وفللهم، مع أن خبرتهم بالبناء تحت الصفر، ولكنهم يعتقدون أنّ البناء سهل، وأنّ العمار يعتمد على الذوق الشخصي والشطارة فلماذا يدفعون للمهندسين مبلغاً وقدره وهم - في اعتقادهم - قادرون على القيام بما يقوم به المهندسون، فهذا فلان من الأقرباء، وفلان من الأصدقاء، بنى بيته بنفسه، حتى المخطط نسخه من منزل أعجبه ومرّره بتوقيع مهندس بمبلغ بخس، وبهذا وفّر الكثير، ولا يحتاج لمشرف هندسي يدفعه للتبذير.. هذا التصرف سائد عند كثيرين. فإذا أضفنا إليه رداءه كثير من العمال وتعلّمهم فينا، وتدربهم عندنا، وزعمهم أنهم مقاولون، وهم لا يفقهون، عرفنا لماذا تهرم كثير من منازلنا بسرعة.

أيضاً يقوم كثير من المطورين الأفراد - وربما بعض الشركات - ببناء منازل وعمائر تجارية عليها كسوة خادعة من جمال وهي (لابسة خلاخل والبلاء من داخل) فإذا دفع المواطن شقاء عمره في شراء مسكن من هؤلاء فوجئ بالمشكلات من كل صوب: تشققات في الجدران، وخراب في الكهرباء والماء، وسقوف رديئة العزل المائي والحراري، وهبوط في البلاط، فيقع في مشاكل لا حصر لها من الترميم والترقيع. لابد من وضع (مواصفات قياسية) مُلزمة للبناء مع المراقبة التامة أثناء التنفيذ، وعدم اعتماد الفرد على نفسه فقط وهو يجهل العمار.


نقلا عن الرياض