تعزيز القوة الشرائية للمواطنين، وتخفيف أعباء الإصلاحات الاقتصادية الرامية لتنويع الاقتصاد، وتغير آلية الدعم الحكومي من دعم موجه للسلع والخدمات يستفيد منه المواطن وغير المواطن، إلى دعم موجه للمواطنين المستحقين، هو العنوان الأبرز الذي تندرج تحته الأوامر الملكية التي صدرت يوم الجمعة الماضي، وشملت الموظفين الحكوميين المدنيين والعسكريين الذين يمثلون النسبة الأكبر من القوى العاملة من المواطنين، كما أنها حسمت الجدال الذي دار حول احتساب الدعم المقدم «حساب المواطن»، ومدى تغطيته لتكاليف رفع الدعم الحكومي عن فواتير الطاقة والمياه، وأكدت مدى الاستجابة السريعة لمعالجة الآثار السلبية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
مبالغ هذا الدعم والمقدرة بنحو 50 مليار ريال في 2018 ستنعكس بصورة مباشرة على القوة الشرائية للمواطنين بشكل خاص، وعلى الاقتصاد بشكل عام، كونها ستضخ في الاقتصاد مباشرة، وستعزز خروجه من التضخم السالب الذي انزلق فيه لمدة عشرة أشهر، ولم يستطع الخروج منه إلا في نوفمبر الماضي، وستسهم مع المبالغ التي خصصت لدعم القطاع الخاص والإنفاق الحكومي في عودة النمو الاقتصادي إلى مستويات جديدة.
النقطة الأهم وذات الصلة في موضوع الأوامر الملكية، والتي لوحظ تكرار صدورها من مؤسسة النقد السعودي «ساما» مع كل أمر ملكي يتضمن تقديم أموال ومخصصات مالية للشعب، هي تحذير البنوك والمؤسسات المالية من المساس بهذه المخصصات، إذ تكررت مع راتب الشهرين اللذين أمر بصرفهما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله - للمشاركين الفعليين في الصفوف الأمامية لعمليتي (عاصفة الحزم، وإعادة الأمل) من منسوبي وزارات (الداخلية، والدفاع، والحرس الوطني) ورئاسة الاستخبارات العامة، وتكررت مع حساب المواطن، وقد تتكرر مع بدل غلاء المعيشة.
والسؤال هنا، لماذا تضطر المؤسسة «ساما» إلى إعادة التحذير مع كل أمر ملكي بصرف مكافأة أو مخصصات لموظفي الدولة؟ إذا كانت الفكرة التي يقوم عليها التعميم أو التحذير من قبل مؤسسة النقد، هي أن هذه المخصصات لا ينطبق عليها ما ينطبق على الراتب الشهري في حال كان الموظف أو العميل مقترضا من البنك أو متعثرا في سداد مستحقاته، ولماذا تصر البنوك
على الخصم من هذه المخصصات مع أن راتب الموظف يحول نهاية كل شهر بحسابه لديها، ولا يستطيع تحويله لبنك آخر دون إحضار إخلاء طرف منها؟ هل تريد أن تكون البنوك شريكا في كل مبلغ يدخل حساب العميل المقترض رغم ضعف مساهمتها في المسؤولية الاجتماعية لهؤلاء المواطنين والعملاء.
أعتقد أن مؤسسة النقد «ساما» تعرف الكثير من أسرار البنوك وطرق تعاملاتها مع العملاء المقترضين، لذلك تحاول أن تحد من جشعها بإصدار التعميم تلو الآخر مع كل أمر ملكي يتضمن صرف مكافأة أو مخصصات تدخل حسابات موظفي الحكومة، وعليها أن تذكر البنوك بذلك بين فترة وأخرى.
نقلا عن صحيفة مكة