أوضاع أسواق المال تتطلب سرعة الإفصاح وجودته

08/10/2017 0
زياد الدباس

بات معلوماً أن وسائل التكنولوجيا الحديثة سهلت عمليات إعداد البيانات المالية وتبويبها وسرّعتها، وبالتالي فإن إعطاء مهلة 45 يوماً للشركات بعد انتهاء كل فصل، أمر مبالغ فيه. ويساهم تأخير الأفصاح في تسريب معلومات جوهرية عن أداء الشركات من خلال المطلعين عليها، سواء كانوا أعضاء مجالس إدارات الشركات أو الإدارة العليا أو المقربين منهم، ما يفضي إلى تدنٍ في كفاءة الأسواق المالية وصدقيتها، وإلى عدم إقبال المستثمرين على الاستثمار في هذه الأسواق.

ومن الأهمية التزام الشركات توقيت الإفصاح وجودة المعلومات المعلنة، لأن لا فائدة من وضع القوانين والأنظمة والتعليمات الخاصة بالإفصاح، وفي المقابل عدم تطبيقها أو التزامها.

ويُلاحظ تسريب المعلومات في الأسواق المالية من خلال بروز طلب مفاجئ بكميات كبيرة على أسهم بعض الشركات، من دون وجود معلومات جوهرية تساهم في ارتفاع حجم الطلب. ويساهم هذا الوضع في انتشار الإشاعات في الأسواق من قبل بعض المضاربين، بهدف خلق طلب مصطنع على أسهم بعض الشركات ورفع أسعارها، بحيث تصبح هذه الإشاعات صانعاً للأسواق بدلاً من المعلومات الحقيقية.

وتعني جودة المعلومات المنشورة خلال الفترة، نشر كل المعلومات التي تسهّل على المتخصصين والمستثمرين والمحللين احتساب الأسعار العادلة لأسهم الشركات المدرجة واتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمارات، في ظل رؤية واضحة. ويهيئ ذلك مناخاً مناسباً لضخ مزيد من الاستثمارات والمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني وحفزه، والعكس صحيح. فإذا نُظر إلى البيانات المالية على أنها ذات جودة متدنية، فسيؤدي ذلك إلى هروب الاستثمارات من السوق وتحديداً الاستثمارات الأجنبية، بسبب الصعوبة والغموض اللذين يكتنفان عملية اتخاذ القرارات الاستثمارية. ويفترض ذلك عدم تركيز الشركات عند الأفصاح عن نتائجها المالية، على الرقم الإجمالي للأرباح، بل توضيح مصادرها ومكوّناتها، وتوضيح نسبة الأرباح التشغيلية الناتجة عن النشاط الأساس للشركة من قيمة هذه الأرباح ونسب نموها، فضلاً عن توضيح قيمة الأرباح ونسبتها، والمصادر الاستثمارية أو تلك الاستثنائية باعتبارها غير متكررة.

وتشمل جودة المعلومات جودة الأرباح، التي تعني أن الأرباح التي تعلنها الشركات تُعبر بصدق وواقعية عن الأرباح الحقيقية والفعلية، ولا تتضمن أي مبالغات أو أرقام افتراضية، خصوصاً أن بعض الشركات تحت ضغط المضاربين، قد تضطر إلى تحسين أدائها التشغيلي والاستثماري لتجميل بياناتها المالية، ما يساهم في زيادة الطلب على الأسهم. وهذا الأمر هو بالطبع من مسؤولية مدققي الحسابات الخارجيين، ويقع على عاتقهم التأكد من صدقية الأرقام المنشورة وواقعيتها.

ولا بد من الإشارة الى أهمية التحول إلى معايير التقارير المالية الدولية الخاصة بجودة المعلومات، إذ أن معايير التقارير المالية الدولية تؤثر في قرارات المستثمرين وتوجهاتهم المستقبلية، وتعطي إشارة إيجابية للمستثمرين عن الأداء المالي للشركات، وتؤثر إيجاباً في تصورات المستثمرين حول رؤيتهم المستقبلية لبقاء الشركة. كما توفر لهم قراءة موحدة للتقارير المالية، ما يضفي الصدقية على المعلومات المحاسبية والاعتماد عليها عند اتخاذ القرارات.

وإلى التوسع في المتطلبات عن المعلومات المالية وغير المالية، التي تشجع على تقديم إفصاح إضافي يؤمّن للمستثمرين معلومات مفيدة ويساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية، في شكل يرفع كفاءة سوق المال وزيادة معدل النمو الاقتصادي، تزداد قيمة الشركات المطبِّقة لمعايير التقارير المالية الدولية، ما يعزز إقبال المستثمرين على الاستثمار فيها.

ولا يُغفل التأكد من استخدام القيم العادلة كأساس للقياس المحاسبي، ما يوفّر معلومات تتمتع بثقة عالية ويساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات الاستثمار. وتشكّل الأرباح العنصر المهم في القوائم المالية الذي يهتم به مستخدموها، بهدف اتخاذ القرارات الاستثمارية أو الائتمانية. لذا ظهر التركيز على جودة الأرباح التي تبرز الأرباح في شكل عادل أو صادق، ولا يضلّل مستخدمي هذه القوائم. وكلما ارتفعت جودة الأرباح كانت إمكانية التنبؤ بالأرباح المستقبلية أكثر عدالة. وتظهر جودة الأرباح مدى قدرة تلك المالية على تقديم صورة حقيقة عن واقع الشركة واستمرارها في المستقبل، أو مدى تواصل تدفق الأرباح الحالية في الفترات المستقبلية، وقدرة تلك الراهنة على إعطاء مؤشر عن تلك التي ستتحقق مستقبلاً.

ويفضي عادة اختلاف المعايير المحاسبية المستخدمة في إعداد التقارير المالية بين المعايير المحلية والدولية، إلى استغلال الفروق بينهما. وهنا لا بد من التركيز على أهمية عدم استغلال المعلومات الداخلية، ما يعزز من كفاءة الأسواق وفقاً لمعايير الشفافية والإفصاح المعتمد عالمياً.

وقائمة الدخل كما أشرنا، تُعد أهم القوائم المالية الثلاثة الرئيسة، التي يتوجب على الشركات المساهمة إعدادها عند انتهاء كل فترة مالية، نتيجة الأهمية القصوى لمحتوى المعلومات، الذي يمكن استنتاجه من تلك القوائم، وخصوصاً النتائج المالية الفصلية، باعتبارها مهمة جداً في نظر المتعاملين الكبار في السوق، لا سيما أن مديري الصناديق والمحافظ الاستثمارية الكبيرة، كونها تمثل مرحلة مفصلية لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب المحافظ والمراكز الاستثمارية، وفرصة لقراءة أداء شركات السوق خلال المرحلة المستقبلية، نتيجة تعزيز مراكزهم الاستثمارية أو تغييرها، وفقاً لطبيعة النتائج المالية الفصلية.

 

نقلا عن الحياة