المعلومات والقرارات

12/09/2017 0
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

المعلومات ثروة الأمم وأساس المنافسة والمعرفة والقرارات السليمة، لذلك لا بد من توفر المعلومات الحديثة والدقيقة والعالية الجودة؛ لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب للغرض المناسب.

إن حداثة ومصداقية وصحة المعلومات الإحصائية وغير الإحصائية من أهم متطلبات جودة صناعة القرار الاقتصادي والتنموي والاستثماري في الدول، لذلك تهتم الدول الصناعية المتقدمة بتوفير قواعد المعلومات المختلفة لخدمتها في اتخاذ القرارات المناسبة.

المعلومة الصحيحة العالية الجودة تساعد صانع القرار في الحصول على أفضل النتائج، ناهيك عن تقليل نسبة المخاطر. ومما لا شك فيه أن المستثمرين يواجهون تحديات يومية تتطلب اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب للخروج منها بأقل تكلفة وأكثر فائدة، ولهذا السبب تستلزم المواقف الحصول على المعلومات الكافية والدقيقة والحديثة. توفر المعلومات المالية ضرورة وأساس في صنع القرار التجاري والاستثماري؛ لأنها تعني للمستثمر الربحية أو الخسارة للمشروع أو المنتج الذي يحاول بيعه في السوق. ولا يستطيع المستثمر اتخاذ القرار الدقيق والصائب إذا لم تتوافر له المعلومات المالية الكافية من حيث الكمية والجودة. وكلما كانت المعلومات على درجة عالية من الجودة؛ كان القرار الاستثماري بالدخول في مشروع أو الخروج منه أفضل من حيث الجودة وأكثر فائدة من حيث العائد الاستثماري وأقل تكلفة على المستثمر من حيث نسبة المخاطرة. ولا يستغني أحد منا عن المعلومات الجيدة التي تساعدنا على صناعة القرار المناسب بسرعة كافية، لتقليل نسبة المخاطر والتكلفة علينا، وبالتالي نزيد في نسبة العائد على الاستثمار.

ولقد واجه عدد كبير من المشاريع التجارية والصناعية الكساد والخسارة بعد إتمام الصفقة؛ لأن المستثمر لم يتأكد من صحة ومصداقية المعلومات الإحصائية وغيرها. على سبيل المثال خسر عدد من المستثمرين أموالهم في شركة انرون للطاقة؛ لأنهم دخلوا في سهم قامت الشركة بتضليل المستثمرين بمعلومات مالية غير صحيحة؛ لأسباب تكمن في فساد إدارة الشركة التي حققت مصالح شخصية للإدارة التنفيذية. وهناك شركات كثيرة أفلست بسبب قلة المعلومات وعدم حداثتها ورداءة جودتها ما جعل قرار الاستثمار فيها غير ناجح.

الجهات الحكومية معنية بتوفير المعلومات الإحصائية الحديثة، التي يعتمد عليها كل من القطاعين الحكومي والخاص في اتخاذ القرارات. ومن الجهات المعنية بتوفير المعلومات الإحصائية في المملكة، مركز الإحصاءات العامة بالرياض.

تزيد نسبة المخاطرة في حال غياب المعلومات الإحصائية الكافية والحديثة والعالية الجودة وبالتالي ستكون احتمالية تبعات القرار سلبية على المستثمر بصفة خاصة والاقتصاد بصفة عامة.

إن غياب قواعد المعلومات الاقتصادية والسكانية الديموغرافية والسلوكية، لا يساعد الحكومة والقطاع الخاص على اتخاذ القرارات السليمة، بل إنه يرفع نسبة المخاطرة ويضعف احتمالية النجاح. ومن الضروري توافر المعلومات المرتبطة بالبطالة والفقر والنمو السكاني ومؤسسات المجتمع المدني.

وقد وصلت نسبة الإنتاجية المفقودة في المملكة؛ بسبب عدم توافر المعلومات الإحصائية إلى 40% من إجمالي الناتج الوطني، وهي نسبة عالية إذا ما قورنت بغيرها من الأرقام الاحصائية في الدول الصناعية المتقدمة أو في الدول النامية. ونتكلم في هذا الخصوص عن مليارات الريالات المهدرة، حيث أشارت دراسة اقتصادية إلى أن نسبة الإنتاجية في المملكة اليوم أقل من نسبتها في الستينيات من القرن الماضي. وهذا مؤشر خطير ومخيف يشير إلى أهمية المعلومات في التنمية الاقتصادية، لذلك نأمل أن تتوافر دراسات تقدر بدقة حجم تكاليف غياب المعلومات الإحصائية على الاقتصاد الوطني في المملكة، وأيضا تساهم في معالجة هذه المشكلة.

وفي الختام.. على الحكومة وشركات القطاع الخاص الاستثمار في المعلومات؛ لأنها جوهرية وأساسية في صناعة القرار الاقتصادي في المملكة. إن توفر المعلومات يجذب المستثمرين الأجانب للاستثمار في المملكة، لذلك في حال عدم جاذبية الاستثمار فيها من قبل الحكومة والقطاع الخاص، فإنني أوصي بتسهيل الاجراءات والتسهيلات للشركات العالمية العملاقة للاستثمار في المعلومات في المملكة.

 

نقلا عن اليوم