تؤثر التغيرات البيئية الخارجية المختلفة في أداء ونمو الشركات السعودية عامة والعائلية خاصة، حيث تتوفر فيها الفرص وتحدق بها المخاطر. الشركات القوية والتي تتمتع بميزات تنافسية في المعرفة والمهارات والقدرات المالية والتكنولوجية تستطيع استثمار الفرص وتفادي المخاطر بعكس الشركات الضعيفة.
للشركات السعودية دور مرتقب في تحقيق رؤية 2030 والتحول 2020، وذلك لتنويع الاقتصاد والتقليل من الاعتماد على النفط في الاقتصاد السعودي، لذلك لابد لها من رؤية استراتيجية تساعدها على النمو والاستمرار. ولقد جاء دور القطاع الخاص السعودي للمشاركة في التنمية الشاملة وتحقيق رؤية 2030 من خلال توطين الوظائف وتوسيع وتنويع القاعدة الاقتصادية لتوزيع المخاطر والاعتماد على الذات في الصناعة والتجارة والمعرفة التكنولوجية والتقنية والفنية.
تسود عالمنا الاقتصادي اليوم فلسفة قوية مضمونها أن التكتلات الاقتصادية والشركات القوية تستطيع مواجهة المنافسة وافتراس المنافسين الصغار، لذا في عصرنا المليء بالتحديات الكثيرة والمعقدة وفي ظل العولمة الاقتصادية أرى ضرورة قيام كيانات سعودية كبيرة تضيف ميزات تنافسية تساعد شركاتنا الصغيرة والمتوسطة على المنافسة والنمو لمواكبة المنافسة، بل تحتاج الشركات الوطنية الكبيرة إلى مواكبة التغيرات العالمية لتكوين قيمة مضافة لاقتصادنا الوطني، وذلك من خلال أنظمة مواكبة ومنسجمة مع المنظمات الدولية التي نتمتع بعضويتها، وذلك لمؤازرة شركاتنا الوطنية.
وما نشهده اليوم من تغيرات اقتصادية محلية وعالمية يتطلب المزيد من التفاعل الايجابي الذي يزيدنا قوةً وثباتاً لبناء منافسة مستدامة، لذا ومن هذا المنطلق يعد الاندماج بين الشركات العائلية حاجة ملحة لقيام تآزرات استراتيجية تزيدها قوة لتساعدها على تنمية حصتها ومكانتها بين الشركات المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.
بلا شك يعد الاندماج بين الشركات العائلية السعودية أحد الخيارات الاستراتيجية الناجحة للتغلب على الانكماش ومشاكل الإفلاس، بل وللنمو عندما تندمج لتتكامل الشركات المندمجة بينها في ما تتطلبه من معرفة ومهارات وقدرات مالية وتكنولوجية وموارد ضرورية للمنافسة، وذلك للاستمرار في الاسواق والتوسع والنمو. الاندماج بين الشركات العائلية السعودية رؤية إستراتيجية تهدف لتحسين الأداء التنافسي لهذه الشركات من خلال التكامل بين شركتين أو أكثر لتكوين شركة عملاقة واحدة تتآزر فيها قدراتها المتكاملة لبناء قدرات تنافسية أكبر مما هي عليه قبل اندماجها. القوة التآزرية من خلال الاندماج تساعد الشركات على النجاح والبقاء والاستمرار في السوق، لكنها قد لا تنجح عندما لا تتوفر الظروف المناسبة للاندماج. عوامل نجاح الاندماج بين الشركات العائلية السعودية كثيرة وأهمها التجانس في المنتجات والخدمات التي تقدمها، ناهيك عن التجانس في الثقافة التنظيمية والرسالة أو الغرض من إنشائها والوضوح في الهدف أو الأهداف من الاندماج.
أسس نجاح الاندماج كثيرة، لكن اهمها تجانس رسالة التأسيس للشركات المندمجة لنجاح الاندماج بينها وبين شركات أخرى لأن تجانس الرسالة المؤسسية يزيد نسبة نجاح الاندماج من خلال تجانس الأهداف من إنشائها والذي يرتبط بطبيعة المنتج أو الخدمة. تناسق الثقافة المؤسسية للشركتين المندمجتين في ثقافة مؤسسية واحدة يعتبر خاصية أساسية لنجاح الاندماج بينهما، لذلك يجب أن تتقارب هذه الثقافة لدعم الاندماج حتى لا تنشب الصراعات بين الثقافتين.
ومن الأهمية أن يكون الاندماج هادفاً ليحقق المكاسب للشركتين العائليتين المندمجتين ويضيف قوة أكبر مما كانت عليه الشركتان قبل اندماجهما. وللهيئة الإدارية دور أساسي في تسهيل الاندماج وتفعيل خطة الاندماج التي تحقق الأهداف المأمولة منه.
تشير الدراسات في الدول الصناعية المتقدمة إلى مساهمة إدارة الشركات المندمجة في فشل الاندماج بينها بسبب الصراعات حول أهدافها وسياساتها وطريقة إدارتها وكيفية صناعة القرار فيها والثقافة المهيمنة على الكيان الجديد بعد الاندماج. وباختصار شديد يعتبر الاندماج فاشلاً إذا لم يحقق القيمة المضافة والأهداف المأمولة منه مما يضعف الكيان الجديد ويساهم في إفلاسه، لذلك يجب على القائمين على عملية الاندماج تقييم نتائج عملية الاندماج بعد فترة معقولة لقياس القيمة المضافة للاندماج. الاندماج الذي لا يزيد في القيمة المضافة يصبح تكلفة على الكيان الجديد ويؤدي إلى تداعيه، حيث أثبتت الدراسات في هذا الشأن فشل الكثير من الاندماجات بسبب تباين الثقافات التنظيمية للشركات. وسأكمل الحديث عن هذا الموضوع في العدد القادم إن شاء الله.
نقلا عن اليوم