التدريب والممارس أهم من الدراسة

11/08/2017 5
عبدالله الجعيثن

حين يعرض الكاتب بعض تجاربه فلكي يبرهن على حقيقة ما، أو يوضح أبعاد الواقع، قدر المستطاع، لذلك أقول إنني توظفت في وزارة الحج والأوقاف (هكذا اسمها آنذاك) بشهادة الكفاءة وواصلت الدراسة منتسباً، الشاهد أنّ دراستي كانت بعيدة عن الرياضيات والمحاسبة إلى حد كبير، إضافة إلى أنها الكفاءة فقط، ومع ذلك درّبني الزملاء في الوزارة على مسك السجلات في قسم المحاسبة، كانت أربعة سجلات كلها دائن ومدين، وكان أكثرها تعقيداً (جاري وزارة المالية) الذي يتطلّب مني الذهاب إلى وزارة المالية نهاية كل شهر ومطابقة الحساب معهم بحيث لو نقص ريال واحد فيجب التدقيق حتى الوصول إليه، لم يستغرق التدريب أكثر من ثلاثة أسابيع، ومع الممارسة ومواصلة التدريب على رأس العمل تمكنت - بفضل الله - من إتقان ذلك العمل المحاسبي جيداً مع أنني قبل الوزارة كنت مشغولاً بقراءة قصص ألف ليلة وليلة والزير سالم وحمزة البهلوان ونحوها، وفجأة تحولت من (حالم إلى محاسب) بفضل تدريب قصير وممارسة يومية، تعلمت في اليوم الواحد منها مالم أتعلمه في المدرسة لمدة سنة، وبالتالي فإن الاهتمام بالتدريب على رأس العمل أهم من التعليم الأكاديمي بكثير، وهو مايحتاجه سوق العمل أمس واليوم وغداً، الدراسات الأكاديمية مفيدة نظرياً ولكن الواقع أمر آخر لابد فيه من الممارسة والتدريب، إنه كالسباحة تحتاج لمدرب ومزاولة، لذلك فإن السعودة في حاجة ماسة لتكثيف التدريب على رأس العمل في الميدان، وبمجرد الحصول على الثانوية، فهذا يؤهل شبابنا -من الجنسين- للنجاح في القطاع الخاص، وفي الاستقلال بأعمال خاصة بهم مستقبلاً، وفي مُزاولة التجارة، ولهذا ندعو لقصر مهنة (الموزعين) على السعوديين، لأن الموزع (أي مندوب المبيعات) يعيش في الميدان، ويعرف بكم يشتري تاجر التجزئة وبكم يبيع، ويُسهم في كسر احتكار الوافدين لهذا (المجال الحيوي) الذي سيطروا عليه وحارب كثير منهم أي سعودي يحاول أن يعمل في التجارة، لأن الوافد هنا هو همزة فصل إذا كان السعودي تاجر تجزئة والوافد هو مندوب المبيعات الذي يسعى غالباً لتموين جماعته وقطع الصلة بالسعودي حتى يخرج من السوق.


نقلا عن الرياض