في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، حقق مؤشر السوق السعودية قفزة قوية بلغت نسبتها ٣ في المئة وكسب ١٤٥ بليون ريال (39 بليون دولار) في أفضل أداء أسبوعي منذ عام ٢٠١١ مع اتجاه أنظار المستثمرين وتفاؤلهم بإعلان «مورغان ستانلي» في شأن انضمام مؤشر سوق الأسهم السعودية، أكبر سوق في المنطقة إذ تبلغ قيمتها السوقية نحو ٤٤٥ بليون دولار، إلى مؤشرات الأسواق الناشئة. ويتم لاحقاً الإعلان عن مراحل انضمام السوق إلى مؤشر «إم آس سي» مع توقعات من حيث المبدأ بوضع السوق السعودية تحت المراقبة تمهيداً لإدراجها في شكل نهائي على المؤشر قبل نهاية عام ٢٠١٨ أو منتصف ٢٠١٩.
وستسهل وتيرة التغيرات وحجمها على البيئة التنظيمية والهيكلية في السوق السعودية، انضمام الأخيرة إلى المؤشر في فترة أقصر من دول أخرى. ويسعى الكثير من دول المنطقة إلى الانضمام إلى هذه المؤشرات، وفي مقدمها الكويت والأردن والبحرين، بينما انضمت إلى هذا المؤشر الدولي المهم سوق دبي المالية وسوق أبو ظبي للأوراق المالية، وسوق قطر بعد أن استوفت هذه الأسواق متطلبات الانضمام.
وتسعى السوق السعودية إلى لانضمام إلى المؤشرات العالمية منذ سنوات من أجل رفع كفاءة أدائها وزيادة عمقها وارتفاع مستوى سيولتها. لكن اهتمام المستثمرين السعوديين والأجانب بالاستثمار في السوق تزامن مع قرار فتح السوق السعودية للاستثمار الأجنبي غير المقيم خلال عام ٢٠١٥. ومنذ ذلك الحين أخذت السوق بتعديل نظام التسوية وإصدار قواعد منظمة لاستثمار المؤسسات الأجنبية وفصل مركز الإيداع عن شركة «تداول»، وتحويله إلى شركة مستقلة وتعديل المدة الزمنية لتسوية صفقات الأوراق المالية المدرجة من التسوية الفورية إلى التسوية بعد يومي عمل، إضافة إلى تفعيل البيع على المكشوف المشروط باقتراض الأسهم وإنشاء سوق موازية، وإطلاق منتجات مالية متنوعة، والتحول إلى تطبيق معايير المحاسبة الدولية، وتعديل لائحة حوكمة الشركات وغيرها من الأنظمة كي تصبح أقرب إلى الممارسات العالمية، وبالتالي يسهل إدراجها في المؤشرات الدولية.
ونظراً إلى أهمية السوق السعودية وبخاصة بعد فتحها باب الاستثمار للأجانب، فقد قرر «مورغان ستانلي» إنشاء مؤشر خاص بالسوق بها يحظى ببعض معايير المؤسسة المذكورة للأسواق الناشئة، وتتم مراجعة المؤشر مرتين خلال السنة. وفي أيار (مايو) من العام الماضي أعلنت msci مراجعتها الدورية للمؤشر ولم يطرأ تغيير على مؤشر السوق السعودية التي تضم ٣٢ شركة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مؤشر «مورغان ستانلي» للأسواق الناشئة انطلق عام ١٩٨٨ وكان يتألف في تلك الفترة من عشرة دول تمثل أقل من١ في المئة من القيمة السوقية لأسواق العالم. أما اليوم فقد أصبح هذا المؤشر يضم ٢٣ دولة تمثل ١٠ في المئة من القيمة السوقية لأسواق العالم. كما أن اهتمام المتعاملين والمستثمرين في الأسواق المالية في الانضمام للمؤشر سببه حجم الاستثمارات التي تتأثر وتراقب هذا المؤشر، إذ تبلغ قيمة الأموال التي تتابعه نحو تريليون ونصف تريليون دولار، ما يجعل الأسواق الناشئة تتدفق عليها سيولة ضخمة في حال انضمامها إليه.
يذكر أن وزن السوق السعودية في المؤشر يقترب من وزن السوق الروسية، أي ما بين ٢.٤ في المئة و٣ في المئة مع توقعات بأن يساهم إدراج «أرامكو السعودية»، وهي أكبر شركة مدرجة في مؤشر الأسواق الناشئة، إلى مثلي هذه النسبة. كما أن معظم السيولة التي تتابع المؤشر يديرها مديرون نشطون ومختصون، ما يحرك الأسواق بشكل كبير قبل انضمامها رسمياً إليه. وتجعل ضخامة السيولة التي تتابع المؤشر، الأسواق الناشئة معرضة لتدفق سيولة جديدة، ما يحرك مؤشرات هذه الأسواق إلى الأعلى. كما أن السوق السعودية تتداول حالياً بمكررات ربحية نحو ١٣,٩ مرة، وهي مقاربة لمضاعف مؤشر «إم آس سي اي» ١٢مرة، ما يُحد من دخول السيولة النشطة مع توقعات ان تستقطب السوق ٣٤,٢ بليون دولار من مستثمرين نشطين.
وعادة ما تتأكد مؤسسات الاستثمار العالمية قبل دخولها إلى السوق السعودية، من التزام الشركات المساهمة العامة المعايير الدولية في إعداد البيانات المالية وتبويبها، ومتطلبات الإفصاح الواردة في هذه المعايير والمنصوص عليها في أصول المحاسبة الدولية، إضافة إلى التأكد من جودة المعلومات المفصح عنها، نظراً إلى اعتماد المختصين على هذه المعلومات في احتساب الأسعار العادلة واتخاذ قراراتهم الاستثمارية.
نقلا عن الحياة