تاريخياً لم يكن هناك تقبل حكومي لقيام القطاع الخاص بالتبرع لمشاريع حكومية، وكان البيروقراطيون يعتبرون ذلك انتقاصاً من هيبة الحكومة، ولكن ذلك الشعور تغير تدريجياً، وبدأنا نسمع عن مشاريع خيرية، إلى أن انتهى الأمر بتشجيع وزارة المالية، مختلف الإدارات الحكومية، لتفعيل جهودها في محاولة تحقيق إيرادات ذاتية، تسمح لها وزارة المالية بالاحتفاظ بها، أو بنسبة منها، خلافاً للنظام المالي السائد سابقاً، والذي كان يشترط تحويل كامل الإيرادات إلى وزارة المالية.
توالى ذلك الترحيب بتلقي التبرعات، وبدأنا نشهد رعاية، وتمويل مستثمرين، وشركات، لكراسي بحوث مختلفة، وهذا تطور إيجابي، من خلال تفاعل القطاع الخاص مع احتياجات المجتمع، وربما هي تندرج تحت مسمى الحاجة لرد المعروف للمجتمع، الذي أتاح لذلك المستثمر النجاح في حياته، وربما نقدر ذلك لأولئك المتبرعين أكثر، إذا عرفنا أنه لا يوجد نظام ضريبي يشجع على أعمال الخير، مثلما يحدث في باقي العالم، ولتوضيح هذه النقطة للقارئ، فإن الأنظمة الضريبية حول العالم تتوقع أن يسدد كل فرد، أو شركة، ما يستحق عليه من الضريبة، للحكومة، ولكن النظام الضريبي يسمح لدافع الضريبة أن يوجه ذلك المبلغ إلى عدد محدد من أعمال الخير، ويخصم ذلك المبلغ من وعاء الضريبة، كأن يخصص المبلغ للجامعة التي تخرّج منها، أو مكان عبادته، أو متحف ما... إلخ.
هنا لا نملك تلك الآلية، لأن نظام الزكاة صارم، وغير مستجيب، ولكن بمقدورنا عمل ذلك من خلال نظام الضريبة على غير السعوديين، وأتمنى أن ينظر في ذلك، وأتساءل إن كانت القضية مغلقة بالكامل، بالنسبة للزكاة؟ أم أن هناك فسحة لبحث الموضوع؟! (حالياً تخصص أموال الزكاة لتمويل ميزانية الضمان الاجتماعي).
عوداً إلى موضوع التبرعات، فقد قادت موافقة الحكومة على قبول التبرعات الخيرية، إلى أن بدأت تتكون ظاهرة سلبية، وخطيرة، ألا وهي محاولة جهات حكومية ليّ ذراع العاملين في القطاع الخاص، لتقديم تبرعات، يتضح سريعاً من الآلية التي يطلبها الموظفون، أن النية ليست صادقة، وإنما هي محاولة للسطو على الأموال، تحت حجة التبرع الخيري. ولديّ قصة حقيقية، وهي أن إحدى الجهات الحكومية، طلبت تبرعاً لشراء أجهزة كمبيوتر، وقد وافقت إحدى الشركات على ذلك الطلب، ولكن المسؤول الحكومي، حاول ثني الشركة عن تقديم الأجهزة، وإنما قيمتها نقداً، ورفضت الشركة، وأمنت الأجهزة، ولاحقاً عرفت الشركة أن المسؤول الحكومي قد أعاد الأجهزة إلى الشركة البائعة، مقابل نصف قيمتها نقداً!! ولا علم لي بما استخدمت المبالغ لتمويله!!
للفساد أوجه، وطرق مختلفة، بعضها ظاهر، وصريح، وبعضها مقنّع، ولذلك بدلاً من أن نرى ظاهرة التبرع تنتشر كثقافة، أخشى أن تلك التصرفات ستجعل المتبرعين يترددون، وربما يحجمون كليّة!! إلا إذا وضعت ضوابط، تمنع تحوّل تلك التبرعات إلى غير وجهاتها المقصودة.
اشكر الكاتب على هذا المقال واللذي تضمن محورين المحور الأول تحدث عن الزكاة والضرائب، فالضرائب هي فريضة مالية من الدوله يدفعها الممول (التجار) دون مقابل لتتمكن الدولة من القيام بتحقيق أهداف المجتمع وتنميته. اما الزكاة شرعا فهي أداء حق يجب في أموال مخصوصة، على وجه مخصوص ويعتبر في وجوبه الحول والنصاب.وهي من أركان الاسلام وتأخذ من الاغنياء لترد الى المحتاجين لها وقد حددها الشارع بثمان مصارف هي:1- الفقراء 2- المساكين 3- العاملين عليها (الجباه) 4- المؤلفه قلوبهم (لتحبيبهم وترغيبهم بالاسلام) 5- وفي الرقاب 6- الغارمون (المدينون) 7- في سبيل الله 8- ابن السبيل. هذه المصارف الثمان التي حددها لنا الله ولا اعتقد انه يوجد داعي لمسالة الفسحة لبحث موضوعها فاتمنى ان تبتعد عن الشطحات اللي مالها داعي. المحور الثاني يتكلم عن الفساد المالي في مؤسسات الدوله وهو مستشري بشكل فضيع ونتمنى من الدوله حفظها الله مكافحته بكل الاشكال والطرق الممكنه