رد وزارة المالية ينذر بالخطر الكبير

14/05/2017 14
د. عبدالله بن ناصر الفوزان

نشرت الرياض الخميس الماضي رداً من وزارة المالية على مقالي (كعادتها.. وزارة المالية تأتي بالعجائب) وأشكرها على الرد وعلى ما اتسم به من إيجابية وروح طيبة ولي على ردها ملاحظات هامة تتمثل في الآتي:

قالت الوزارة في ردها أن الأرقام الواردة في مقالي لا تعكس الأرقام الحقيقية وهذا عجيب فالأرقام ليست من عندي بل من عندها حيث قلت في مقالي: إن الوزارة ذكرت في تقرير لها عن ميزانية 2015 أن المقدر لبند الرواتب 300 مليار والصرف الفعلي 450 أي أن الأرقام من تقريرها والتقرير منشور في وسائل الإعلام.. وإذن فالمفروض أن تقول: إن أرقامها في تقريرها السابق هي التي لا تمثل الواقع.

وليت هذا التصحيح الذي أوردته للأرقام كان للأقل بل للأكثر وبزيادة كبيرة فهي في تقريرها السابق قالت: إن الصرف الفعلي بلغ 450 ملياراً والآن تقول في ردها: إن الصرف الفعلي بلغ 480 ملياراً أي بزيادة على الزيادة التي ناقشتها سابقاً قدرها 30 ملياراً مع أن تقريرها السابق كان بعد انتهاء السنة المالية أي بعد اتضاح الأمور وهذا أمر عجيب آخر؟

اهم استفسار ورد في مقالي لم تجب عليه الوزارة وهو الزبدة كما نقول إذ تساءلت عن سبب رفع الوزارة تكلفة الرواتب في برنامج التحول لسنة الأساس 2015 إلى 480 ملياراً مع أن تقديراتها للبند في بداية العام 300 وطالما أنها لم تجب فسأجتهد وأبحث عن إجابة معقولة وسأتناسى ماهو مقدر في بداية العام وسأبني على اليقين أي جملة ما صرف على البند حسب رد الوزارة البالغ 480 ملياراً وأقول يبدو أن الرقم متوافق لأول وهلة مع برنامج التحول لكن أظن أن الإخوة في الوزارة وهم يقدرون برنامج التحول نسوا أن من ضمن ال480 المصروفة راتب الشهرين غير المتكررة والتي لاتقل عن 80 مليارًا يعني يفترض أن رواتب سنة الأساس في برنامج التحول لا تزيد بأي حال من الأحوال على 400 مليار ريال وإذن فالمفروض أن تعدل الوزارة أرقامها في برنامج التحول.

من أهم ما ورد في ردها أن جملة المنصرف الفعلي على الرواتب في عام 2016 بلغ 450 ملياراً وأقول: إن هذا ينذر بخطر كبير لأن معناه أن الرواتب في العام المنصرم زادت عن عام 2015 بـ 50 ملياراً لانها كانت في 2015 حوالي 480 منها رواتب الشهرين غير المتكررة فيبقى 400 وقفز الرقم في 2016 إلى 450 بزيادة 50 في عام واحد فكم ستكون بعد خمسة أعوام إذا كانت ستزيد خمسين ملياراً كل عام؟

إن ما تصرفه الحكومة الآن على رواتب منسوبيها أكثر من جملة عوائد مبيعاتنا الخارجبة من النفط وقد تصبح بعد عدة أعوام أكثر من كامل إيرادات الحكومة.. وهذا ينذر بخطر كبير لابد من الاهتمام به ومعالجته حتى لا تضطر الحكومة لتخفيض الريال في المستقبل فنكون بهذا قد بدأنا نهدم مدخراتنا بأبدينا.

ذكرت الوزارة في الرد

مبررات ارتفاع بند الرواتب خلال السنوات العشر الماضية وهذه مع كونها معلومة مفيدة فلم تكن واردة في تساؤلاتي بل قلت إنها مقبولة وتساؤلي كان فقط عن تلك القفزة الضخمة بين المقدر والمنصرف الفعلي في عام 2015 وقد ذكرت كأحد مبررات ذلك أن هناك استحقاقات نقلت من بعض البنود الأخرى وحسمت من بند الرواتب وأقول مع إنها في تقريرها السابق قالت إن الزيادة كانت بسبب مصروفات إضافية وليس تعديلات بنود فإني اعتبر هذا الإيضاح بالغ الأهمية وفي منتهى الجمال لأنه يشكل إضاءة جيدة لبعض الغموض الذي مازال بحاجة للمزيد من الإضاءات وعلى أية حال يتضح مما ورد من تفاوت كبير في أرقام الوزارة وتلك التعديلات فيما يصرف على البنود أن الوزارة لا تهتم كثيراً بالتبرير والأيضاح للمواطنين حين يستدعي الأمر ذلك ولكن يبدو أن الوزير الجديد له نهج مختلف يقوم على الشفافية بدلالة أنه أصدر لأول مرة تقريراً ربعياً للميزانية وهذه مبادرة جيدة يستحق الشكر عليها.

أشكر الوزارة على ردها وأؤكد على الخطورة الشديدة لبند الرواتب وأرجو من وزير المالية الذي بشرنا بأنه سيكون شفافاً ومتجاوباً أن يستمر في إيضاح ما يصرف على بند الرواتب في التقارير الربعية التي سعدنا بالاطلاع على أولها يوم الخميس الماضي حتى يكون المواطن هو الرقيب والمتابع لهذا الأمر الهام ويكون ذلك حافزاً لنا جميعاً على مواجهة أي خطر قبل استفحاله.

نقلا عن الرياض