الفرق بين العوائد وضخ الأموال في الصناديق السيادية (2 – 2)

07/05/2017 1
د. أنور أبو العلا

يلاحظ أن معظم الذين يطالبون بإنشاء ما يسمونه الصناديق السيادية في الخارج -بما فيهم التقرير المنسوب لجامعة هارفرد- يخلطون بين مفهوم العوائد الصافية (أرباح الصندوق السيادي) وبين ضخ الأموال الجديدة (إيداع فوائض الميزان التجاري) في الصندوق السيادي.

المثال التقليدي الذي يستشهد به كتابنا المطالبون بإنشاء الصندوق السيادي هو الصندوق النرويجي لضخامته لأنهم يعتقدون أن ضخامة أصول صندوق النرويج التي تقارب التريليون دولار ناتجة عن أرباحه المتراكمة وبأنها هي التي جعلت منه أكبر صندوق سيادي في العالم.

لكن الحقيقة أن ضخامة الصندوق السيادي النرويجي للمتقاعدين والعجزة والضمان الاجتماعي (pension وفقًا لتسميته الأساسية) ليست بسبب أرباحه الصافية -كما يعتقد المعجبون به- بل بسبب ارتفاع القيمة السوقية لأصوله (تقديرات قد تتبخّر عند التسييل). وكذلك تراكم إيداعات إيرادات البترول في صندوق النرويج منذ إنشائه عام 1998 إلى عام 2017 (حوالي 20 سنة).

لقد رأيت تغريدات لبعض المعجبين بصندوق النرويج تقول: إن أرباح الصندوق النرويجي لا تقل عن 10 % و15 % سنوياً. عندما رأيت هذه التغريدة خرجت من فمي صرخة بدون شعور قائلاً: عيب يا دكتور.. عيب يا رجل.. ارجع للموقع الرسمي لصندوق النرويج.

الموقع الرسمي لصندوق النرويج يقول إن أرباحه (يقصد بالأرباح معدل نمو القيمة السوقية لأصول الصندوق من غير إضافة إيداعات البترول تبلغ 3.8 % سنوياً).

لكن المفاجأة الجديرة بالتفكير هو أن صندوق النرويج يقول في تقريره لعام 2017 بالنص: إن الحكومة النرويجية قررت خفض النسبة السنوية المسموح سحبها من الصندوق من 4 % الى 3 % كي تكون نسبة السحب من الصندوق تُقارب نسبة العوائد.

في مكان آخر من موقع صندوق النرويج يقول: إن هدف استثمارات الصندوق أن يحقق عوائد قدرها 4 % في السنة على مدى عمر الصندوق.

سنترك صندوق النرويج ونحاول أن نوضّح الصورة بمثال تطبيقي كالتالي:

نفترض دولة ما قررت إنشاء صندوق سيادي في الخارج بمقدار تريليون دولار ووزعت استثماراته في أصول مختلفة (الأسهم، السندات، العقارات) وكان متوسط العوائد (ارتفاع القيمة السوقية للأصول) 3.5 % سنوياً. وهكذا فإن القيمة السوقية للصندوق ستصبح -بعد 20 سنة- اثنين تريليون دولار.

الآن نفترض أن هذه الدولة الافتراضية قررت أن تسحب كل سنة مقدار العائد البالغ 3.5 % وقدره 70 مليار دولار من غير المساس بأصول الصندوق.

السؤال هو: هل يا ترى تستطيع هذه الدولة أن تحصل سنوياً على 70 مليار دولار من غير أن تنقص الأصول؟ سنترك الجواب الآن للمتخصصين.

نقلا عن الرياض