منذ بداية شهر ديسمبر الماضي، أي قبل ثلاثة أشهر، وأسعار النفط تتحرك في نفس النطاق الضيق حول 55 دولارا، بالرغم من حجم التغيرات الايجابية التي اتسمت بها أساسيات أسواق النفط في هذه الفترة بعد نجاح تطبيق اتفاقية خفض الإنتاج التي قلصت وبشكل واضح حجم التخمة في العرض مما ضيق الفجوة الحاصلة بين العرض والطلب، وبالنظر لكل هذا المتغيرات وما لها من مساس إيجابي مباشر على دعم أساسيات السوق وبث قدر عال من التفاؤل بالاستقرار المتزن، ينشأ سؤال لا بد له من إجابة، ما السبب من وراء عدم استجابة السوق لهذا المتغيرات بالقدر المناسب لحجمها؟!
تستمر تقلبات أسعار النفط في هذا النطاق الضيق، حيث لا يزال خام برنت يتداول عند 55 دولار بل وهبط دونها البارحة بالرغم من السرعة الواضحة في امتثال عالي لتخفيض إنتاج أوبك وخارجها، وبالتالي فقد كان من الواجب في المقابل أن يكون هناك خفض في المخزونات، لا تستطيع الزيادة في النفط الصخري اللحاق به حتى مع تواصل السعي في استمرار نمو الإنتاج مع الأسعار، وتشجيع زيادة أنشطة الحفر وعدد الحفارات الذين يواجهون معضلة مع ارتفاع تكاليف الخدمات.
وتحت أسوأ التوقعات باستمرار الأسعار في هذا النطاق الضيق، فإن أسعار النفط بكل تأكيد ستكون أقل تقلبا من عام 2016-بإذن الله- والذي كان خام برنت قد شهد فيه تقلبات وصلت إلى %75. الجميع لاحظ كيف ارتفعت الأسعار عند منتصف شهر فبراير إلى قرابة 57 دولارا، وما تزامن مع ذلك من مقاومة واضحة لأساسيات أسواق النفط، تجسدت في ارتفاع مستمر في المخزونات النفط والبنزين الأمريكية خلال تلك الفترة تقريبا.
وفي حمى التكهنات أسند البعض جزافا هذا الأمر لما يذكر من أن الزيادة في النفط الصخري تضغط على الأسواق والتي تأثرت بدورها بزيادة قياسية في المخزونات الأمريكية بفعل تعزيز إنتاج النفط الصخري، وهذا خطأ فادح في تحليل أسواق النفط، لان الأمر وبكل بساطة، يرجع الى بعض مواسم صيانة لمصافي ما أدى إلى طاقات استيعابية تكريرية أقل، وبالتالي إلى مخزون نفطي أعلى. وعلى أية حال، فإن تأثير زيادة إنتاج النفط الصخري على فرض زيادته ستبقى محدودة، والأسعار ستعاود الصعود وتخرج نهائيا من هذا النفق، على خلفية خفض الإنتاج بإذن الله.
ومن المؤسف والمجحف ان تقارير المنظمات الدولية ومراكز استشارات الطاقة الغربية تركز دائما على جانب الإمدادات، والذي لا شك أنه يلعب دور كبير في تحركات الأسعار، ولكن من الخطأ تهميشهم الواضح للدور الذي يلعبه جانب الطلب، حيث أن الزيادة في الطلب التراكمي لها دور رائد لايمكن تجاهله في إعادة التوازن في السوق، حتى وان تباينت توقعات الزيادة السنوية للطلب بين 1.3 إلى 1.7 مليون برميل يوميا، وذلك بسبب التغيرات الديموغرافية والاقتصادية العالمية، وفي كل الأحوال فان الطلب العالمي على الطاقة سيزداد وبشكل كبير، حتى وان تعددت الأسباب والتوقعات، يبقى الطلب على الطاقة في زيادة مستمرة.
كل هذه المعطيات تدل على أن هناك انتعاش واضح قادم لأسواق النفط بالرغم من التناقض الصارخ لمؤشر المخزونات الأمريكية التي تشير إلى أن السوق ما زالت تواجه صعوبة في تقليص تخمة المعروض رغم الجهود التي يبذلها الكثير من المنتجين لكبح الإنتاج! مما يراد من خلاله تسريب هاجس وهم بأن أسواق النفط ستكون متخمة بالمعروض مع الزيادة القادمة في الإنتاج الأمريكي، ومحاولة التقليل من أهمية اتفاقية التخفيض ونجاحه نحو تقليص الفرق بين العرض والطلب، ومبررهم في هذا التوجه هو مانسمع من قلقهم المتنامي من نجاح الجهود التي تقودها منظمة أوبك، لإعادة توازن العرض والطلب العالمي. حتى ولو افترضنا زيادة في الإنتاج من أمريكا الشمالية، فمن المرجح أن يقابل تلك الزيادة انخفاض من إنتاج بحر الشمال وأمريكا اللاتينية.
ويظل السؤال الاهم هو: حتى وإن نجحوا في الربع الأول من هذا العام من مقاومة أساسيات السوق القوية متحججين بمستوياتها قياسية للمخزونات، وزيادة الانتاج وانخفاض نشاط المصافي، فما مدى استدامة هذا السرد الغير مبرر عند بداية موسم الصيف والطلب العالي للبنزين؟! أم هل نستعد لسماع مبررات وقصص جديدة؟!
خاص_الفابيتا
الحديث ذو شجون دكتور فيصل والأسعار دون 50$ لنايمكس: وليس الأمر متعلقا فقط بالمخزونات والنفط الصخري -ارتفاع الدولار له دور أساسي بالتأكيد ومن خلفه رفع الفائدة المرتقب مع تحسن بيانات الوظائف المنتظرة يوم الجمعة التي كان تقرير ADP الصادر أمس بمثابة مؤشر استباقي لها للاسف لم ينته أحد له. -يتم اغفال ارتفاع انتاج دول خارج الحسبة مثل البرازيل على سبيل المثال التي ارتفعت صادراتها في فبراير 12% على أساس شهري أى بالمقارنة مع يناير/كانون الثاني إلى 45.7 مليون برميل يعني أكثر من 1.5 مليون برميل يوميا. ونحن نتحدث هنا عن دولة واحدة. -هناك نقطة إشكالية تتمثل في النفط "المسروق" سواء في دولة غير مستقرة أميا مثل نيجيريا أو ما تفعله "داعش" في نفط العراق مثلا وكذلك ليبيا ..فالحقائق غير معروفة والإعلام لا يظهر كل الحقائق ويبقى رصد تأثير ذلك على السوق صعبا كونه يباع بأسعار أقل من المعلنة أمام الجميع. -لم تقتنع الأسواق بقصة الخفض الحاصل فعليا في الوقت الراهن من قبل "أوبك" التي بدت ضعيفة مجددا رغم التزام أعضائها بنسبة كبيرة ومعها الدول الأخرى .
اشكرك استاذ خالد على هذا التحليل ..... ولعل أغلب تداولات النفط الفعلية ترجع الى خام برنت وليس نايمكس الذي لا يعد مرجعا إلا لأسواق المضاربين! ............ ولكن لا أتفق معك ابدا ان أوبك بدت ضعيفة بعد كل هذا النجاح ويكفي انها منصة لاجتماع عمالقة المنتجين ناهيك عن عقد الاتفاقات التاريخية ! ............ حتى وان حصد المنتجين سابقا من خارج أوبك المنافع المترتبة على خفض إنتاج أوبك ..... مما يبرز جليا مدى صعوبة الخروج عن سياق اتفاقية حصة السوق السابقة! ........... لذلك قد نرى أمتثال اقل إلى الآن !........ ولا ينكر احد ان أوبك ما زالت المحرك الأقوى لاستقرار واستدامة أسواق النفط حتى وان لم تتقبل امريكا ذلك بعد فشل النفط الصخري الذريع بأن يكون المنتج المرجح الذي يوازن أسواق النفط! .......... واتفق ان هناك حالة من عدم اليقين في أسواق النفط وقدرتها على استيعاب الإمدادات الهامشية التي ذكرت بل وحتى النفط المسروق الذي اشرت اليه ان وجد اصلا لانه اذا كان هناك نفط مسروق فإنك لا تستطيع نقله عن طريق ناقلات النفط، وبالتالي تعتبر عمليات هامشية ليس لها أثر يذكر! ......
شكرا لحضرتك دكتور فيصل على النقاش المثمر وأعتقد ان استمرارية النجاح اهم من تحقيقه لمرة واحدة .والاهم مدى فاعلية القرارات وحصد نتائج على الارض.بالفعل الحديث ذو شجون وستتحمل اوبك ضريبة الأوضاع الراهنة لصالح اللاعبين غير الرئيسين بالاضافة الى ابران ..فدول المنظمة أرهقت من انخفاض الاسعار وستخضع لابتزاز الاسواق اذا جاز تسميته كذلك ... هذا عامل والعامل الآخر هو ارتفاع الدولار ...بجانب السياسة التي لا يمكن قولبة تحركها
تابع هذا أيضا من فضلك دكتور..كتبته اليوم وأعتقد الأرقام ستكون في تصاعد مع زيادة عدد المنصات .. http://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/474041
عفوا هذا هو المقصود http://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/474036